ومنه قوله تعالى : (وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَراتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) [البقرة : ١٢٦] ، الاسم الموصول (من آمن) فى محل نصب بدل من (أهل) ، وهو بدل بعض من كل ، وتلحظ الضمير العائد إلى المبدل منه فى (منهم).
وقوله تعالى (ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُمْ) [المائدة : ٧١] ، حيث (كثير) بدل بعض من كلّ من الفاعل واو الجماعة فى (عموا) ، وهو مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة (١).
ملحوظة :
تثار بين النحاة قضية التعريف بالأداة وعدمه فى (كل وبعض) ، حيث :
يرى جمهور النحاة أن تعريف (كل وبعض) بالأداة غير جائز ؛ لأنهما ملازمان للإضافة فيهما إن لم تكن ظاهرة ، فهى منوية دائما ، ولا تجتمع (أل) مع الإضافة ، ولذلك فإن الحال تأتى منهما ، وهما بدون (أل) ، فنقول : مررت بكلّ قائما ، وببعض قاعدا. كما أنهما لا يجوز أن يوصفا بالنكرة ، فهذان دليلان على كونهما معرفتين من طريق الإضافة المنوية.
ولكن بعض النحاة يجيز تعريفهما بالأداة حملا لهما على ما فى معناهما ، فـ (كلّ) تحمل على (جميع) ، و (بعض) تحمل على (جزء) ، وكلاهما يعرّف بالأداة ، ولذلك فإن هؤلاء يمنعون لزومهما الإضافة. وقد يستعملان غير مضافين ، ويروون من ذلك عن العرب : جاء قومك كلا ، على أنّ (كلا) حال ،
__________________
(١) فى (كثير) أوجه إعرابية أخرى ترتبط باحتساب الواو :
ـ أن تكون (كثير) بدلا من الواو فى الموضعين ، فيكون الضمير مفسرا بما بعده.
ـ أن تكون (كثير) بدلا من الواو ، والواو فاعل عائد على ما قبله فى (حسبوا).
ـ أن تكون (كثير) خبرا لمبتدإ محذوف ، والتقدير : العمى والصّمّ كثير منهم.
أن تكون (كثير) مبتدأ مؤخرا ، خبره الجملة الفعلية المقدمة : (عموا وصموا).
أن تكون (كثير) فاعلا لعمى ، والواو علامة جمع ملحقة بالفعل ، وهى لغة قوم ، وتدعى بلغة (أكلونى البراغيث).