ومنها قراءة (إِنَّا كُلٌّ فِيها) [غافر : ٤٨](١). على أن (كلا) منصوبة على الحالية من ضمير المتكلمين ، أو : توكيد لاسم (إن) المنصوب عند الزمخشرى.
ويبدو أن (بعضا وكلا) حال تنوينهما يكونان مقطوعين عن الإضافة ، حيث لا تنوى الإضافة فيهما ، لكنه انقطاع لفظى لا معنوى.
الثالث : بدل الاشتمال :
وهو أن تبدل فيه لفظا من لفظ بينهما ملابسة بغير البعضية والكلية (٢). ويشترط فيه أن يكتفى بذكر الأول عن الثانى ، كقولك : أعجبنى عبد الله علمه ، أو : حسنه ، حيث كلّ من (علم وحسن) بدل من (عبد الله) مرفوع ، وعلامة رفع كلّ منهما الضمة. وتلحظ أن كلا منهما ليس جزءا من المبدل منه (عبد الله) ، وليس مطابقا له ، لكن بين البدل والمبدل منه ملابسة ؛ لذلك فقد أضيفا إلى ضمير المبدل منه. ويختلف النحاة فيما بينهم فيما هو مشتمل فى بدل الاشتمال بين البدل والمبدل منه والعامل ، لكن الجمهور على أن المبدل منه هو المشتمل ، ومنه : سرق عبد الله ثوبه أو فرسه.
ومن الأمثلة السابقة تستنتج أن بدل الاشتمال يكون بذكر شىء ينتمى إلى المبدل منه ، لكنه ليس هو هو ، وليس جزءا من أجزائه المكونة لذاته ، أو : عضوا من أعضائه ، وأكثر ما يكون بدل الاشتمال بالمعانى والصفات ، وما يتنزل منزلة المعانى ، من نحو العقل والحسن والحكمة والرأى والعلم والظرف ، وقد جعلوا منه ما كان ذاتا ، كما ذكر فى أمثلة سابقة.
يذكر المرادى أنه : لا بدّ فى بدل الاشتمال من مراعاة أمرين :
أحدهما : إمكان فهم معناه عند الحذف ، ومن ثمّ جعل نحو : أعجبنى زيد أخوه ، بدل إضراب لا بدل اشتمال ، إذ لا يصحّ الاستغناء عنه بالأول.
__________________
(١) الكشاف : ٢ ـ ٤٣٠.
عامة القراء على قراءة الرفع فى (كل): «إنّا كلّ فيها». ورفع (كل) على الابتداء ، وخبره شبه الجملة (فيها) ، والجملة الاسمية فى محلّ رفع ، خبر (إن) ؛ لأن اسمها ضمير المتكلمين (نا). أما نصب (كل) ففيه ثلاثة أوجه : إما على البدل من اسم إن ، وإما على الحالية ، وإما على توكيد اسم (إن).
(٢) الأمالى النحوية ٣ ـ ٥٥.