وإذا قلت : قم اقعد ، وأنت تقصد معنى الثانية نهائيا ، فهى بدل مباين من الجملة الأولى.
خامسا : الإبدال بين الجملة والاسم :
يذكر بعض النحاة إبدال الجملة من الاسم المفرد ، كما يذكر بعضهم إبدال الاسم المفرد من الجملة. يجعلون من الأول قول الفرزدق :
إلى الله أشكو بالمدينة حاجة |
|
وبالشّام أخرى كيف يلتقيان (١) |
حيث الجملة الفعلية الاستفهامية (كيف يلتقيان) بدل من (حاجة وأخرى) ، وهما اسمان مفردان ، وبعضهم يجعلها جملة استفهامية.
كما يجعلون منه قوله تعالى : (أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ) [الغاشية : ١٧] ، حيث تكون الجملة الفعلية الاستفهامية (كيف خلقت) بدلا من اسم الجمع (الإبل).
ويجعلون من الثانى قوله تعالى : (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلى عَبْدِهِ الْكِتابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجاً (١) قَيِّماً لِيُنْذِرَ بَأْساً شَدِيداً مِنْ لَدُنْهُ) [الكهف : ١ ، ٢] ، حيث يجعلون الاسم المفرد (قيما) بدلا من الجملة الفعلية (لَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجاً) ، وهو بدل منصوب فى مقام الحال ، لأن الجملة المبدل منها فى محلّ نصب على الحالية (٢). وكان ذلك لأنهما بمعنى واحد ، نفى العوج وإثبات الاستقامة.
__________________
(١) الأشمونى على الصبان على الكافية ٣ ـ ١٣٢ / شرح التصريح ٢ ـ ١٦٢.
(إلى الله) جار ومجرور ، وشبه الجملة متعلقة بأشكو (أشكو) فعل مضارع مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة المقدرة منع من ظهورها الثقل ، وفاعله ضمير مستتر تقديره : أنا. (بالمدينة) جار ومجرور ، وشبه الجملة فى محل نصب ، حال من حاجة ؛ لأنها صفة لها ، فلما تقدمتها أصبحت حالا. (حاجة) مفعول به منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. (وبالشام) الواو حرف عطف مبنى لا محل له. بالشام : جار ومجرور ، وشبه الجملة فى محل نصب ، حال من أخرى. (أخرى) معطوف على حاجة منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة المقدرة منع من ظهورها التعذر. (كيف) اسم استفهام مبنى فى محل نصب ، حال. (يلتقيان) فعل مضارع مرفوع ، وعلامة رفعه ثبوت النون ، وألف الاثنين ضمير مبنى فى محل رفع فاعل. والجملة كيف يلتقيان فى محل نصب على البدلية من : حاجة وأخرى.
(٢) ترد أوجه إعرابية أخرى لـ (قيما) فى هذه الآية :