قوله تعالى : (إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفازاً (٣١) حَدائِقَ وَأَعْناباً) [النبأ : ٣١ ، ٣٢] ، فالبدل (مفازا) مصدر ميمى وهو مفرد ، أما المبدل منه (حدائق) فهو جمع ، وهو بدل مطابق ، ويجوز أن يحتسب من بدل الاشتمال فينتفى الشاهد ، وأرى ذلك.
وكذلك إن قصد بالبدل التفصيل ، فإن النحاة (١) يرون أن البدل يختلف مع المبدل منه فى العدد ، لكن الأمر فى التركيب يختلف عما ارتأوه ، حيث إنه فى بدل التفصيل يجب أن يعطف على ما نعربه بدلا ما يحقق عددية المبدل منه ، فإذا قلت : ذاكرت درسين درس النحو ودرس الأدب. فإن (درس) الأول بدل من (درسين) منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة ، وأنت ترى أن المبدل منه مثنى ، والبدل مفرد ، لكنك تلحظ كذلك أنه لا بدّ من العطف على البدل بما يحقق التثنية ، ولذلك عطف بالقول : ودرس الأدب ، ولا يصحّ التركيب بغير ذلك ، إلا إن نوى حذفه.
وهنا تتحقق المطابقة فى العدد بين البدل والمبدل منه فى البدل المطابق.
ومثل ذلك قول كثير عزة :
وكنت كذى رجلين رجل صحيحة |
|
ورجل رمى فيها الزمان فشلّت |
(رجلين) مضاف إلى (ذى) مجرور ، وعلامة جرّه الياء لأنه مثنى ، وهو المبدل منه ، أما البدل فهو (رجل صحيحة) ، وهو مجرور ، وعلامة جره الكسرة (٢) وهو مفرد ، فاختلف المبدل منه المثنى مع البدل المفرد فى النوع ، ولذلك فقد عطف على البدل بالمعطوف عليه (ورجل رمى) ، فتحققت المطابقة فى التثنية.
ومثله قول الشاعر :
فألقت قناعا دونه الشمس واتّقت |
|
بأحسن موصولين : كفّ ومعصم (٣) |
__________________
(١) ينظر : الصبان على الأشمونى على الألفية ٣ ـ ١٢٨.
(٢) قد يرفع كلّ من : رجل صحيحة ، ورجل رمى ، على أنهما خبران لمبتدأين محذوفين ، والتقدير : إحداهما رجل صحيحة ، والأخرى رجل رمى ... خبر كان شبه جملة (كذى) ، أو ما تتعلق به. جملة (رمى فيها الزمان) فى محل جر ، نعت لرجل. (الزمان) فاعل مرفوع لرمى ، وعلامة رفعه الضمة.
(٣) المساعد ٢ ـ ٤٢٩.