ب ـ فى التعقيب : فى قوله تعالى : (وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعى (٤) فَجَعَلَهُ غُثاءً أَحْوى) [الأعلى : ٤ ، ٥]. عطفت الجملة الفعلية (جعله غثاء) على الفعلية (أخرج المرعى) بواسطة الفاء ، لكن التعقيب بلا مهلة غير متوافر هنا ؛ لأن بين إخراج المرعى وجعله غثاء أحوى (يابسا أسود) مدة لا تفيد التعقيب ، وإنما تفيد التراخى ، والتقدير : فمضت مدة فجعله غثاء.
وإما أن تكون الفاء قد تناوبت (ثم) ، أى : ثم جعله غثاء. ومنه : (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً) [الحج : ٦٣].
(فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظاماً فَكَسَوْنَا الْعِظامَ لَحْماً) [المؤمنون : ١٤].
ج ـ الفاء والتسبب : غالبا ما تفيد (الفاء) معنى التسبب ، فيكون المعطوف مسبّبا عن المعطوف عليه ، ويكون المعطوف جملة أو صفة. من ذلك قوله تعالى : (فَوَكَزَهُ مُوسى فَقَضى عَلَيْهِ) [لقصص : ١٥]. حيث الجملة المعطوفة بالفاء (قضى) مسبّبة عن المعطوف عليه (وكزه موسى).
ومنه : (ثُمَّ أَماتَهُ فَأَقْبَرَهُ) [عبس : ٢١](فَأَصابَها إِعْصارٌ فِيهِ نارٌ فَاحْتَرَقَتْ) [البقرة : ٢٦٦].
(وَاللهُ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها) [النحل : ٦٥].
تلحظ أن ما بعد الفاء من معطوف (أقبره ، تركه ، احترقت ، أحيا) مسبّب عن ما قبلها من معطوف عليه : (أماته ، أصابه وابل ، أصابها إعصار ، أنزل ماء). ويتضح المعنى فى قولك : أملته فمال. فتحته فانفتح. أقمته فقام ، أنرته فأنار. كسرته فانكسر.
ومنه : (فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ فَتابَ عَلَيْهِ) [البقرة : ٣٧]. (وَظَنَّ داوُدُ أَنَّما فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ راكِعاً وَأَنابَ (٢٤) فَغَفَرْنا لَهُ ذلِكَ) [ص : ٢٤ ، ٢٥]. (وَأَخَذَ