وقوله تعالى : (فَكَفَّارَتُهُ إِطْعامُ عَشَرَةِ مَساكِينَ مِنْ أَوْسَطِ ما تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ) [المائدة : ٨٩](١)(وَلا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلا عَلى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوانِكُمْ أَوْ ...) [النور : ٦١].
٤ ـ الإباحة :
تؤدى (أو) معنى الإباحة بشرطين :
أولهما : أن تسبق بطلب.
والآخر : جواز الجمع بين ما بعدها وما قبلها.
نحو : جالس العلماء أو الزهاد ، حيث يكون المعنى : جالس أحدهما ، ويجوز الجمع بينهما. ومنه القول : تعلّم الفقه أو النحو. ومنه قوله تعالى : (فَهِيَ كَالْحِجارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً) [البقرة : ٧٤]. (فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى) [النجم : ٩].
وأنت تلمس أن الفرق بين التخيير والإباحة أنه لا يجوز الجمع بين المتعاطفين فى الأول ، ولكنه جائز فى المعنى الثانى.
والإباحة فى النهى تعنى المنع عن الجميع. فإذا قلت : لا تكلّم محمودا أو عليا ، كان التقدير : لا تكلم أحدهما. وهذا يعنى منع التكلم عنهما ، أو عن أحدهما.
ومن ذلك قوله تعالى : (وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً) [الإنسان : ٢٤] ، أى : لا تطع أحدهما ، فإذا جعلت التقدير : لا تطع منهما آثما ولا كفورا ، أى : تكون (أو) بمعنى (ولا) كان ذلك إباحة كذلك ؛ لأن فيه امتناعا عن إطاعة الاثنين.
ونعلم أن المعنى قبل النهى : أطع آثما أو كفورا ، أى : واحدا منهما ، فإذا كان النهى ورد على ما كان ثابتا فى المعنى ، فيصير : لا تطع واحدا منهما ، فيكون التعميم فيهما من حيث النهى الداخل (٢).
__________________
(١) (كفارة) مبتدأ خبره إطعام. (مساكين) مضاف إليه مجرور ، وعلامة جره الفتحة نيابة عن الكسرة ؛ لأنه ممنوع من الصرف.
(٢) يرجع إلى : الكتاب ٣ ـ ١٨٤ / الإيضاح فى شرح المفصل ٢ ـ ٢١٢.