فتقول : ركبت القطار بل السيارة ، والحكم هو الركوب ، فيكون معنى الجملة : عدم ركوبى القطار وركوبى السيارة ، تلحظ أن المعنى السابق لـ (بل) موجب ، وشبه التناقض بين القطار والسيارة ، وأن السيارة يصح أن يحكم عليها بالحكم السابق ، وهو الركوب.
وتقول : انتظر محمدا بل محمودا ، والحكم هو الانتظار ، فيكون المعنى عدم الانتظار لمحمد ، والانتظار لمحمود ، فكلّ منهما يختلف عن الآخر ، كما تلحظ صلاحية الانتظار لمحمود وهو ما بعد (بل).
وتقول : استمعت إلى الدرس بل الخطبة ، الزم الكذب بل الصدق. افتح الحقيبة بل الكتاب. شربت القهوة بل الشاى. حضر الذى نريده بل الذى لا نريدّ.
من النحاة من يرى أن المعنى الذى يسبق (بل) إذا كان موجبا أو أمرا يكون مسكوتا عنه ، أى : لا يسلب حكمه أو لا ينفى ، فيكون بذلك محتملا الإيجاب والنفى ، فإذا قلت : يكتب محمد بل علىّ ، فإن إثبات الكتابة لمحمد يجوز ، ولكنه لعلىّ واجب.
إذن ؛ إذا سبقت (بل) بإيجاب أو أمر فإن تركيبها يكون على ثلاثة معان :
أولها : أن يكون على معنى الغلط ، ويكون باللسان.
ثانيها : أن يكون على معنى النسيان ، ويكون بالجنان.
الثالث : أن يكون على معنى الإضراب ، ويكون بالسكوت عن المعنى الأول إلى الثانى ، وإن كان حقا.
ثانيا : إذا سبقت (بل) العاطفة بنفى أو نهى ـ وهما معنيان سالبان ـ فإن المعنى المفاد من التركيب يؤول على وجهين :
الأول : وأرى أنه الأرجح ؛ أن تؤدى فيه (بل) معنيين متضامنين ، أحدهما يكون لما قبلها ، وهو تقرير حكمه المنفىّ أو المنهىّ عنه ، وقد ذكرنا أن ما قبلها يكون معناه منفيا معها ، فلما كان منفيا فى التركيب بقى على حاله من النفى أو النهى ، والآخر