(بل) بعدها جملة :
(بل) حرف إضراب ، والإضراب لا يفارقه ، وقد ذكرنا أنه يكون عاطفا فى المفردات ، فهو يعطف مفردا على مفرد ، لكنه إذا ذكر بعده الجمل فإنه يكون للإضراب وحده ، والإضراب قسمان : إضراب إبطال ، وإضراب انتقال.
يعنى بإضراب الإبطال إبطال الحكم المذكور عن ما يسبق (بل) ، وإثباته لما بعدها ، نحو : جاءنا محمد بل محمود ، حيث إبطال المجىء عن محمد ـ على الوجه الأرجح كما ذكرنا ـ وإثباته لمحمود.
ومنه قوله تعالى : (وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا ما أَنْزَلَ اللهُ قالُوا بَلْ نَتَّبِعُ ما أَلْفَيْنا عَلَيْهِ آباءَنا) [البقرة : ١٧٠] ، حيث قولهم يفيد إبطال اتباع ما أنزل الله ، واتباع ما وجدوا عليه آباءهم ، فأفادت (بل) إضراب الإبطال.
ومنه قوله ـ تعالى ـ : (وَقالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً سُبْحانَهُ بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ) [الأنبياء : ٢٦](١).
(أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ بَلْ جاءَهُمْ بِالْحَقِ)(٢) [المؤمنون : ٧٠].
ومنهم من يرى أن الإضراب الإبطالى لا يكون فى القرآن الكريم ، ويؤولون (بل) فيما ذكر للإضراب الانتقالى ، إذ الإخبار بصدور ذلك منهم ثابت لا يتطرّق إليه الإبطال (٣).
__________________
(١) (قالوا فعل ماض مبنى على الضم ، وواو الجماعة ضمير مبنى فى محل رفع ، فاعل. (اتخذ الرحمن ولدا) اتخذ : فعل ماض مبنى على الفتح. الرحمن : فاعل مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. ولدا : مفعول به منصوب ، وعلامة نصبه الفتحة. والجملة الفعلية فى محل نصب ، مقول القول. (سبحانه) سبحان :منصوب على المصدرية لفعل محذوف ، وعلامة نصبه الفتحة. وهو مضاف وضمير الغائب الهاء مبنى فى محل جر مضاف إليه. والجملة اعتراضية للتعظيم لا محل لها من الإعراب. (بل) حرف إضراب مبنى لا محل له من الإعراب. (عباد) خبر المبتدإ محذوف تقديره : هم ، مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة. (مكرمون) نعت لعباد مرفوع ، علامة رفعه الواو لأنه جمع مذكر سالم.
(٢) (به جنة) جملة اسمية من خبر مقدم شبه جملة ومبتدأ مؤخر مرفوع ، وهى فى محل نصب مقول القول.
(٣) ينظر : الصبان على الأشمونى ٣ ـ ١١٣.