الثالثة : النصب فى قراءة ابن عباس والأعرج وأبى حيوة ، وذلك بإضمار (أن) ، وتكون مع ما بعدها مصدرا مؤولا معطوفا على المصدر المتوهم من فعل جواب الشرط ، والتقدير : تكن محاسبة فغفران وعذاب.
التابع لجواب الشرط المقرون بالفاء :
إذا عطف الفعل المضارع على جواب الشرط المقرون بالفاء فإن الوجه الرفع ، ومن أمثلة سيبويه ؛ إن تأتنى فهو خير لك وأكرمك ، وإن تأتنى فأنا آتيك وأحسن إليك ، برفع المعطوفين : (أكرم وأحسن) ؛ «لأن الكلام الذى بعد الفاء جرى مجراه فى غير الجزاء ، فجرى الفعل هنا كما كان يجرى فى غير الجزاء» (١).
ومنه : إن تأتنى فلن أوذيك وأستقبلك بالجميل (٢).
ويجوز الجزم على موضع جملة الجواب ، حيث إنها فى محلّ جزم ، من ذلك قوله تعالى : (وَإِنْ تُخْفُوها وَتُؤْتُوهَا الْفُقَراءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئاتِكُمْ) [البقرة : ٢٧١] حيث : قراءة الجمهور برفع (يكفر). وتوجّه على الاستئناف ، أو على أنه خبر مبتدأ محذوف ، أى : هو يكفر ، أو بالعطف على محل ما بعد فاء جواب الشرط.
وفيه قراءة بنصب (يكفر) على إضمار (أن) ، وعطف المصدر المؤول على مصدر متوهم من جواب الشرط ، والتقدير : يكن خير وتكفير.
وفيه قراءة بجزم (يكفر) بالعطف على محلّ جملة جواب الشرط ، وهو الجزم.
يلحظ أن (يكفر) يقرأ بين الياء والتاء والنون.
أما قوله تعالى : (مَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَلا هادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ) [الأعراف : ١٨٦](٣) ، ففيه قراءتا الرفع والجزم فى (يذر) ، وتؤولان التأويل السابق.
__________________
(١) الكتاب ٣ ـ ٩٠.
(٢) الكتاب ٣ ـ ٩١.
(٣) (من) اسم شرط جازم مبنى على السكون فى محل نصب ، مفعول به. (يضلل) فعل الشرط مضارع