قد علمت أن من يأتنى آته (١). أى : أنه ، حيث تخفيف نون (أن) يوجب إضمار هاء الشأن ، وجاء منه قول عدىّ بن زيد :
أكاشره وأعلم أن كلانا |
|
على ما ساء صاحبه حريص |
والتقدير : أعلم أنه كلانا على ما ساء ..
جواز القول : أتذكر إذ من يأتنا نأته. وقيد هذا بجواز حدوثه فى الشعر. ومنه قول لبيد :
على حين من تلبث عليه ذنوبه |
|
يرث شربه إذ فى المقام تدابر (٢) |
حيث أعمل اسم الشرط (من) مع دخول (حين) عليه.
أتذكر إذ نحن من يأتنا نأته. حيث فصل (نحن) بين (إذ) واسم الشرط (من) ، فجاز الإعمال.
مررت به فإذا من يأته يعطه ؛ لأن الإضمار يحسن هاهنا. والتقدير : فإذا هو من يأته يعطه. ويكون التركيب الشرطى فى محلّ رفع ، خبر لمبتدإ محذوف.
لا من يأتك تعطه ، ولا من يعطك تأته ؛ لأن (لا) لغو ، ليست كـ (إذ) وأشباهها ، واعتبرها سيبويه بمثابة الحروف الزائدة.
ما أنا ببخيل ولكن إن تأتنى أعطك. جاز هذا وحسن ؛ لأنك قد تضمر هاهنا كما تضمر فى (إذا). ومنه قول طرفة :
ولست بحلّال التلاع مخافة |
|
ولكن متى يسترفد القوم أرفد (٣) |
__________________
(١) (علمت) فعل ماض مبنى على السكون ، وضمير المتكلم مبنى فى محل رفع ، فاعل. (أن) حرف توكيد ونصب مبنى مخفف من الثقيلة لا محل له من الإعراب ، واسمه ضمير الشأن محذوف. (من) اسم الشرط جازم مبنى على السكون فى محل رفع ، مبتدأ ، خبره جملتا الشرط والجواب (يأتنى آته).
والتركيب الشرطى فى محل رفع ، خبر (أن) ، والمصدر المؤول (أن من يأتنى آته) سدّ مسدّ مفعولى (علم) فى محل نصب.
(٢) يرجع إلى : الكتاب ٣ ـ ٧٥ / الإنصاف م ٣٨ / شرح التسهيل لابن مالك ٤ ـ ٨٧.
(٣) ينظر : الكتاب ٣ ـ ٧٨ / شرح التسهيل ٤ ـ ٧١ ، ٩٠ / شرح ابن الناظم ٦٩٤ / شذور الذهب رقم ١٣٥. التلاع : جمع تلعة ، وهو ما ارتفع من الأرض ، يسترفد القوم : يطلبون العطاء ، أرفد : أعطى ، حلال : صيغة مبالغة من الحل وهو المكث.