أفادت (لو) امتناع وقوع معنى الجملة الأولى ؛ فإن حرف النفى ينفى هذا النفى ، ونفى النفى إثبات ، وبذلك فإن (لو لا ، ولو ما) يفيدان وجوب معنى الجملة الأولى (جملة الشرط) ، أو : وقوعها ، ويذكر المرادىّ أنه يلزم على عبارة سيبويه فى (لو) أن يقال : «لو لا حرف لما كان سيقع لانتفاء ما قبله» (١).
أما سيبويه فإنه يذكر أنهما لابتداء وجواب ، فالأول سبب ما وقع وما لم يقع (٢). وإذا أمعنا دلالة التركيب بـ (لو لا ولو ما) فإننا نجد أن معنى جملة الشرط حادث ـ لا محالة ـ ولذلك فإن خبر الاسم الذى يليها يكون محذوفا دائما ما دام معناه عاما ، وهو الوجود المطلق أو الكينونة الدائمة ، والعرب تحذف ما كان ذا دلالة عامة شائعة إيجازا فى الكلام ، بما يدلّ على وجوب حدوث معنى جملة الشرط ، أما معنى جملة الجواب فإنه مناف لمعنى الجملة الأولى ، ولذلك فإنه يمكن القول : إن (لو لا ، ولو ما) تفيدان امتناع الشىء لوقوع غيره ، أى : امتناع وقوع معنى جملة الجواب لوقوع معنى جملة الشرط.
ويحلو لكثير من النحاة أن يذكروا أنها حرف امتناع لوجود ، جريا على أن (لو) حرف امتناع لامتناع.
يجب أن يلى (لو لا) و (لو ما) اسم ، ويكون مرفوعا على الابتدائية ـ على الوجه الأرجح ـ أما خبره فإنه يكون ـ فى الغالب ـ دالا على معنى عام ، كالكينونة ، أو الثبوت ، أو الوجود ، ويكون ـ حينئذ محذوفا حذفا واجبا.
وإذا دلّ على معنى خاص فإنه يجب أن يذكر ، وهذا نادر.
وجواب (لو لا ولو ما) يكون ماضيا مثبتا مقرونا باللام ، نحو : (وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِيما أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذابٌ عَظِيمٌ) [النور : ١٤] ، جملة جواب (لو لا) هى (لمسكم) ، وهى مصدرة بالفعل الماضى المثبت (مسّ) المقرون باللام.
__________________
(١) الجنى الدانى ٥٩٧.
(٢) الكتاب ٤ ـ ٢٣٥.