وعند دلالتها على التفصيل فإنها تكرر كما ذكر فى الآيات السابقة ، وكقوله تعالى : (فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ) [البقرة : ٢٦] وهذا المعنى يتكرر كثيرا (١).
وقد يترك تكرارها ـ حينئذ ـ استغناء بذكر أحد طرفى التفصيل عن ذكر الآخر ، كما هو فى قوله تعالى : (فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ ...) [آل عمران : ٧] أى : وأما غيرهم فيؤمنون به ...
ج ـ التوكيد : يذكر الزمخشرى : «أما حرف فيه معنى الشرط ، ولذلك يجاب بالفاء ، وفائدته فى الكلام أن يعطيه فضل توكيد ، تقول : زيد ذاهب ، فإذا قصدت توكيد ذلك ؛ وأنه لا محالة ذاهب ؛ وأنه بصدد الذهاب ؛ وأنه منه عزيمة ؛ قلت ؛ أما زيد فذاهب» (٢).
ملحوظة :
قد يلتبس بين (أما) الحرف الشرطى والجزائى ، وما يشابهها فى النطق من :
ـ (أم) المنقطعة المتلوة بـ (ما) الاستفهامية ، كما فى قوله تعالى : (أَمَّا ذا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) [النمل : ٨٤]. حيث (أم) العاطفة المنقطعة ، و (ما) اسم استفهام مبنى فى محل رفع ، مبتدأ.
تلحظ أن (أمّا) فيها ميم مضعّفة ، أى : ميمان مدغمتان ، وكذلك (أم) و (ما) المتتاليتان فيهما ميم ساكنة متلوة بميم متحركة فيدغمان.
ـ (أن) المصدرية و (ما) التى هى عوض من (كان) ، كما فى قول عباس بن مرداس :
__________________
(١) يرجع إلى الآيات : آل عمران ٥٦ ، ٥٧ ، ١٠٦ ، ١٠٧ / التوبة ١٢٤ ، ١٢٥ / هود ١٠٦ ، ١٠٨ / يوسف ٤١ / الرعد ١٧ / الكهف ٨٧ ، ٨٨ / الروم ١٥ ، ١٦ / السجدة ١٩ ، ٢٠ / فصلت ١٥ ، ١٧ / الجائية ٣٠ ، ٣١ / الحاقة ٥ ، ٦ ، ١٩ ، ٢٥ / النازعات ٣٧ ـ ٤١ / عبس ٥ ـ ١٠ / الانشقاق ٧ ـ ١١ / الفجر ١٥ ، ١٦ / الليل ٥ ـ ١٠ / القارعة ٦ ـ ٩.
(٢) الكشاف ١ ـ ٤٧ / وانظر : مغنى اللبيب ١ ـ ٥٧.