ومثل ذلك قوله تعالى : (وَما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنَ الرَّحْمنِ مُحْدَثٍ إِلَّا كانُوا عَنْهُ مُعْرِضِينَ) [الشعراء : ٥].
وقوله تعالى : (فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ) [المائد : ٥٤] ، حيث الجملة الفعلية (يحبهم) ، والفعلية المعطوفة عليها (يحبونه) فى محل جرّ ، نعت لقوم ، ثم يكون النعت بالاسم (أذلة) ، وهو مجرور ، والاسم (أعزة) ، وهو مجرور ، فتقدمت الجملة النعت على الاسم ، ومنهم من يجعل الجملتين اعتراضا بين المنعوت (قوم) ، ونعته (أذلة أعزة) ؛ لأن فيها تأكيدا وتسديدا للكلام (١).
ومما تقدم فيه جملة النعت على الاسم قول امرئ القيس :
وفرع يغشّى المتن أسود فاحم |
|
أثيث كقنو النخلة المتعثكل (٢) |
حيث الجملة الفعلية (يغشى) فى محل جر ، نعت لفرع على اللفظ ، ثم يأتى ثلاثة نعوت أسماء ، وهى (أسود) نعت مجرور ، وعلامة جرّه الفتحة نيابة عن الكسرة ؛ لأنه ممنوع من الصرف ، و (فاحم وأثيث) صفتان مجرورتان ، وعلامة جرهما الكسرة.
ولتتأمل النعت المتعدد فى قوله تعالى : (وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ (٤٣) لا بارِدٍ وَلا كَرِيمٍ) [الواقعة : ٤٣ ، ٤٤] ، حيث تقدمت شبه الجملة على الاسم.
وفى قوله تعالى : (وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْواجٌ) [ص : ٥٨] ، شبه الجملة (من شكله) فى محلّ رفع ، نعت للمبتدإ (آخر) ، والخبر : أزواج ، أو أن الخبر محذوف تقديره منهم ، وأزواج نعت ثان لآخر.
__________________
فى محل رفع ، فاعل ، وضمير الغائب مبنى فى محل نصب مفعول به ، والجملة الفعلية فى محل جر ، نعت ثالث لذكر ، أو فى محل نصب على الحالية على أن النكرة (ذكر) قد خصص بالصفة ، أو أنها حال من المفعول به ضمير الغائبين فى يأتيهم فى محل نصب. (وهم) الواو للابتداء أو للحال. هم : ضمير مبنى فى محل رفع ، مبتدأ. (يلعبون) فعل مضارع مرفوع ، وعلامة رفعه ثبوت النون ، وواو الجماعة ضمير مبنى فى محل رفع ، فاعل ، والجملة الفعلية فى محل رفع خبر المبتدإ ، والجملة الاسمية فى محل نصب على الحالية من ضمير الغائب فى استمعوه.
(١) ينظر : الدر المصون ٢ ـ ٥٤٨.
(٢) شرح القصائد العشر : ٩٢ / ديوانه ٤٤.