وقد قدّر النحاة للفاء فى هذا الموضع معانى تجمع بين (١) : السببية أو الربط السببى ، والعاطفة عطف جملة على جملة ، والابتداء (٢) ، والإتباع دون العطف ، وقد يفهم من بعضهم معنى التوكيد للفاء فى مثل هذا الموضع (٣).
لكننا إذا دققنا التأمل فى معانى اقتران جواب الشرط بالفاء فإننا نجد أنها تعطى معنى الإلفات والتركيز ، أى : إلفات انتباه المستمع وتركيز فكره على معنى جملة الجواب ؛ لأنه المعول الأساسىّ من التركيب الشرطى.
وتستطيع أن تدرك العلاقة المعنوية بين معنى الإلفات والتركيز ومعنى الربط السببى ، لأن المسبّب هو المقصود من عمل السبب أو المسبب عنه ، وبينه وبين معنى التوكيد.
وإذا كانت جملة جواب الشرط مقترنة بالفاء ؛ وكانت أداة الشرط غير جازمة ؛ فإنها لا محلّ لها من الإعراب.
مواضع اقتران جملة جواب الشرط بالفاء :
يجب أن تقرن جملة جواب الشرط بالفاء إذا كانت :
١ ـ جملة اسمية :
نحو : (وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلهٌ مِنْ دُونِهِ فَذلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ) [الأنبياء : ٢٩](٤) ، جملة جواب الشرط (فذلك نجزيه) اسمية ، فاقترنت بالفاء ، وأصبحت فى محلّ جزم.
__________________
(١) ينظر : الكتاب ٣ ـ ٦٣ / أصول النحو ٢ ـ ١٩٥ / المقتصد ٢ ـ ١٠٤٠ / المرتجل ٢١٧ / التسهيل ٢٣٦ / الرضى شرح الكافية ٢ ـ ٢٦٢ / همع الهوامع ٢ ـ ٦٠ ، ٦٧.
(٢) معانى القرآن للأخفش ١ ـ ٦١.
(٣) الأزهية ٢ ـ ٢٥٥ ، ٢٥٦.
(٤) (من) اسم شرط جازم مبنى على السكون فى محل رفع ، مبتدأ. (يقل) فعل الشرط مضارع مجزوم ، وعلامة جزمه السكون. والفاعل ضمير مستتر تقديره : هو. (منهم) جار ومجرور مبنيان ، وشبه الجملة متعلقة بالقول. (إنى) حرف ناسخ مبنى لا محل له من الإعراب ، وضمير المتكلم مبنى فى محل نصب ، اسم إنّ. (إله) خبر إن مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة الظاهرة. والجملة فى محل نصب ، مقول القول. (من دونه) جار ومجرور ومضاف إليه ، وشبه الجملة فى محل رفع نعت لإله. (فذلك) الفاء رابطة جواب الشرط بشرطه حرف مبنى. واسم الإشارة مبنى فى محل رفع ، مبتدأ. (نجزيه) فعل مضارع