كذلك جواب (أما) ، كما هو مذكور فى الأمثلة السابقة التى يذكر فيها مبتدأ بعد (أما) خبره فيه الفاء ، لكن التركيب الشرطىّ هنا غير مصدر بالفاء ، ربما كان ذلك لأن الفاء لازمة فى جواب الشرط ، فحذفت من صدر التركيب الشرطىّ اكتفاء بما فى جوابه ، وحسن ذلك كى لا يتوالى فاءان ، فيحدث الالتباس بين الجزاء والعطف.
ومثل ذلك قوله تعالى : (فَأَمَّا الْإِنْسانُ إِذا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ (١٥) وَأَمَّا إِذا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهانَنِ) [الفجر : ١٥ ، ١٦].
وجمهور النحاة يرون أن الظرف (إذا) ليس شرطا ، وإنما هو منصوب بخبر المبتدإ (فيقول) ، وذكرت الفاء لوجود (أمّا).
الشرط بلا أداة :
المعنى الطلبى يحتاج إلى جواب وجزاء ؛ لأن كلّ طلب تكون له عاقبة ، فإذا ذكرت الجملة الفعلية بعد الطلب كان معناها جزاء للطلب وجوابا له ، فبذلك تتضمن معنى الشرط ؛ لأن الشرط يحتاج إلى جواب وجزاء ، ولذلك فإن الفعل المضارع فى معنى جزاء الطلب يجزم ، فكلّ جملة غير محتملة للصدق والكذب إذا ضمنت معنى الشرط فإنها تحتاج إذ ذاك جوابا فتجزمه» (١).
والطلب يشمل : الاستفهام ، والأمر ، والنهى ، والترجى والتمنى ، والعرض والتحضيض ، والنداء والدعاء ، وما فى معناها من أسماء الأفعال التى تكون بمعنى الأمر ، مثل : صه ، مه ، آمين ، إليك ، دونك ، عليك ... ، حسبك ، كفيك ، شرعك ... ، نزال ، ركاب ...
وكذلك ما فى معنى الطلب من الجمل الخبرية ، كما مثل سيبويه بالقول : «اتّقى الله امرؤ وفعل خيرا يثب عليه» ، أى : ليتق الله امرؤ وليفعل خيرا يثب عليه.
مثال ما جاء فى جواب الطلب أو جزائه أن تقول : افعل خيرا يثبك الله عليه.
حيث الفعل المضارع (يثب) واقع فى جواب الأمر.
__________________
(١) الكتاب ٣ ـ ١٠٠ / شرح المفصل لابن يعيش ٧ ـ ٤٩.