أو « أص » وكذلك في قوله تعالى : ( ق ) فإنك تقول « قاف » لا « ق » ولا « إق » وهكذا في الحروف الثنائية كقوله تعالى : ( طس ) وفي الحروف الثلاثية كقول تعالى : ( ألم ) وكذلك في الحروف الرباعية كقوله تعالى : ( ألمر ) وكذلك في الحروف الخماسية كقوله تعالى : ( كهيعص ) فكلها تنطق بأسماء تلك الحروف أصواتاً ، لا بأشكالها الهجائية رسوماً ، مما يقرب منها البعد الصوتي المتوخى ، بينما كتبت في المصاحف على صورة الحروف لا صورة الأصوات.
وقد علل الزركشي ( ت : ٧٩٤ هـ ) المؤشر الأخير بالوقوف عند خط المصحف بأشياء خارجة عن القياسات التي يبنى عليها علم الخط والهجاء « ثم ما عاد ذلك بنكير ولا نقصان لا ستقامة اللفظ ، وبقاء الحفظ » (١).
وأشار الشيخ الطوسي ( ت : ٤٦٠ هـ ) إلى جزء من صوتية هذه الحروف بملحظ الوقف عندها فقال : « وأجمع النحويون على أن هذه الحروف مبنية على الوقف لا تعرب ، كما بني العدد على الوقف ، ولأجل ذلك جاز أن يجمع بين ساكنين ، كما جاز ذلك في العدد » (٢).
هذه لمحات صوتية في خضم دلالات الحروف المقطعة في فواتح السور القرآنية ، وقفنا عند الصوت اللغوي فيها ، وأشرنا إلى البعد الإعجازي من خلالها ، وليس ذلك كل شيء في أبعادها ، فقد تبقى من المتشابه الذي لا يعلمه إلا الله ، وخير الناس من قال فيها بكل تواضع : الله أعلم ، كما قال ذلك مالك بن بني في حديثه عنها.
« لقد حاول معظم المفسرين أن يصلوا إلى موضوع الآيات المغلقة إلى تفاسير مختلفة مبهمة ، أقل أو أكثر استلهاماً للقيمة السحرية التي تخص بها الشعوب البدائية : الكواكب ، والأرقام والحروف ، ولكن أكثر المفسرين تعقلاً واعتدالاً ، هم أولئك الذين يقولون في حال كهذه بكل تواضع : الله أعلم » (٣).
__________________
(١) الزركشي ، البرهان : ١|١٧٢.
(٢) الطوسي ، التبيان : ١|٥٠.
(٣) مالك بن بني ، الظاهرة القرآنية : ٣٣٣.