بالأطباق والاستعلاء ، واشتركت مع السين في الهمس ، وانفردت الزاي بالجهر ، واشتركت مع السين في الانفتاح والاستغال. فإذا أحكم القارىء النطق بكل حرف على حدته موفّى حقه ، فليعمل نفسه بأحكامه حالة التركيب لأنه ينشأ عن التركيب ما لم يكن حالة الإفراد ، بحسب ما يجاورها من مجانس ومقارب ، وقوي وضعيف ، ومفخّم ومرقق ، فيجذب القوي الضعيف ، ويغلب المفخم المرقق ، ويصعب على اللسان النطق بذلك على حقه ، إلا بالرياضة الشديدة ؛ فمن أحكم صحة التلفظ حالة التركيب ، حصل حقيقة التجويد « (١).
حقاً لقد أعطى ابن الجزري مواطن تنفيذ الأداء القرآني على الوجه الأكمل بما حدده من خصائص كل حرف في المعجم ، وما لخصه من دراسة صوتية لمواضع الأصوات ومدارجها في الانفتاح والاستفال ، والجهر والهمس ، والشدة والرخاوة ، والتفشي والاستطالة يساعد على تفهم الحياة الصوتية في عصره ، ولا يكتفي بهذا حتى يربطها بعلم الأداء في حالة تركيب الحروف ، وتجانس الأصوات قوة وضعفاً.
بقي القول أن علم الأداء القرآني يرتبط بالأصوات في عدة ملاحظ كالوقف وقد تقدم ، والإدغام وسيأتي ، ونشير هنا إلى ملحظين هما الترقيق والتفخيم ، فالترقيق مرتبط بحروف الاستفال ( الحروف المستفلة ) لأنها مرققة جميعاً. والتفخيم مرتبط بحروف الاستعلاء ( الحروف المستعلية ) لأنها مفخمة جميعاً ، وقد سبقت الإشارة في موضعها إلى الامالة والاشمام.
وما قدمناه ـ عادة ـ قد يصلح مادة أساسية للاستدلال على صلاحية الرأي القائل بأن علم الأداء القرآني في قسيميه الأساسيين : عبارة عن جزء مهم من كلي الصوت اللغوي في القرآن ، لارتباطه بعلم الأصوات ارتباطاً متماسكياً لا يمكن التخلي عنه ، فهو ناظر إلى مخارج الحروف وتجويدها ، والمخارج بأصنافها تشكل مخططاً تفصيلياً لأجهزة الصوت ، وكل حرف ينطلق من حيزه صوتاً له مكانه وزمانه ، ساحته ومسافته.
__________________
(١) ابن الجزري ، النشر في القراءات العشر : ١|٢١٤.