تقع المعاني تابعة له ، وهو مقصود متكلف ، فذلك عيب ، والفواصل مثله ... وأظن أن الذي دعا أصحابنا إلى تسمية كل ما في القرآن فواصل ، ولم يسمّوا ما تماثلت حروفه سجعاً رغبتهم في تنزيه القرآن عن الوصف اللاحق بغيره من الكلام المروي عن الكهنة وغيرهم ، وهذا غرض في التسمية قريب » (١).
ويلحظ من النص ، أنه يعيب ما ينافي البلاغة سواء أكان سجعاً أم سواه ، ويشير إلى ناحيتين :
الأولى : أن الفواصل هي كل ما في أواخر الآيات تماثلت حروفه أو لم تتماثل خلافاً للسجع المتماثل الحروف.
الثانية : أن اختصاص أواخر الآيات بتسمية الفواصل إنما وقع لرغبتهم أن لا يوصف كلام الله تعالى بالكلام المروي عن الكهنة لا مطلق السجع.
من أجل تمييز الفاصلة ، ومعرفتها صوتياً ، علينا تتبع فواصل الآيات بالدقة والظبط ، في تنقلها في القرآن عبر مسيرتها الإيقاعية.
قال إبراهيم بن عمر الجعبري ( ت : ٧٣٢ هـ ) :
« لمعرفة الفواصل طريقان : توقيفي وقياسي. أما التوقيفي : فما ثبت أنه صلىاللهعليهوآلهوسلم وقف عليه دائماً ، تحققنا أنه فاصلة ، وما وصله دائماً ، تحققنا أنه ليس بفاصلة ...
وأما القياسي فهو ما ألحق من المتحمل غير المنصوص بالمنصوص لمناسب ، ولا محذور في ذلك ، لأنه لا زيادة فيه ولا نقصان ، والوقف على كل كلمة جائز، ووصل القرآن كله جائز ، فاحتاج القياس إلى طريق تعرّفه ، فنقول : فاصلة الآية كقرينة السجعة في النثر ، وقافية البيت في
__________________
(١) ابن سنان ، سر الفصاحة : ١٦٦.