وهذه الصيغة قد حملت اللفظ في تكرار صوتها ، زيادة معنى التدهور لما أفاده الزمخشري ( ت : ٥٣٨ هـ ) بقوله : « إن الزيادة في البناء لزيادة المعنى » (١).
وقال العلامة الطيبي ( ت: ٧٤٣ هـ ) :
« كرر الكب دلالة على الشدة » (٢).
ومن هنا نفيد أن دلالة الفزع فيما تقدم من ألفاظ أريدت بحد ذاتها لتهويل الأمر ، وتفخيم الدلالة ، وهذا أمر مطرد في القرآن ، وقد يمثله قوله تعالى : ( فغشيهم من اليم ماغشيهم )(٣).
والمادة نفسها قد توحي بشدة الإتيان والتوقع عند النوائب.
هنالك مقاطع صوتية مغرقة في الطول والمد والتشديد وبالرغم من ندرة صيغة هذه المركبات الصوتية في اللغة العربية حتى أنها لتعدّ بالأصابع ، فإننا نجد القرآن الكريم يستعل أفخمها لفظاً ، وأعظمها وقعاً ؛ فتستوحي من دلالتها الصوتية مدى شدّتها ، لتستنتج من ذلك أهميتها وأحقيتها بالتلبث والرصد والتفكير.
من تلك الألفاظ : الحاقّة ، الطّامة ؛ الصّاخة. وقد تأتي مجّردة عن التعريف فتهتدي إلى عموميتها ، مثل : دابّة. كافة.
هذه الصيغة صوتياً تمتاز بتوجه الفكر نحوها في تساؤل ، واصطكاك السمع بصداها المدوي ، وأخيراً بتفاعل الوجدان معها مترقباً : الأحداث ، المفاجئات ، النتائج المجهولة.
الحاقة الطامة والصاخة : كلمات تستدعي نسبة عالية من الضغط الصوتي ، والأداء الجهوري لسماع رنتها ، مما يتوافق نسبياً مع إرادتها في
__________________
(١) الزمخشري ، الكشاف : ١|٤١.
(٢) الطيبي ، التبيان في علم المعاني والبديع والبيان : ٤٧٤.
(٣) طه : ٧٨.