وقال تعالى : ( لمغفرة من الله ورحمة خير مما يجمعون ) (١).
وقال تعالى : ( فبما رحمة من الله لنت لهم ) (٢).
وقال تعالى : ( كهيعص * ذكر رحمت ربك عبده زكريا ) (٣).
وقال تعالى : ( قال رب أغفر لي ولأخي وأدخلنا في رحمتك ) (٤).
وقال تعالى : ( واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب أرحمها كما ربياني صغيرا ) (٥).
فأنت تنادي من صدى « الرحمة » بأزيز حالم ، وتحتفل من صوتها بنداء يأخذ طريقه إلى العمق النفسي ، يهز المشاعر ، ويستدعي العواطف ، ناضحاً بالرضا والغبطة والبهجة ، رافلاً بالخير والإحسان والحنان ، فماذا يرجو أهل الإيمان أكثر من اقتران صلوات ربهم برحمته بهم وعليهم ، ولمغفرة من الله تعالى ورحمة خير مما تجمع خزائن الأرض وكنوزها ، وهذا محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ذو الخلق العظيم ، والمخائل الفذة ، لولا رحمة ربه لما لإن لهؤلاء القوم الأشداء في غطرستهم وغلظتهم ، وهذا زكريا تتداركه رحمة من الله وبركات في أوج احتياجه وفزعه إلى الله عزّ وجل : ( إذ نادى ربه نداءً خفيا ) (٦).
فيهب له يحيى ( والله يختص برحمته من يشاء ) (٧).
ووقفة مستوحية عند الأبوين الكريمين ( وأخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمها كما ربياني صغيرا ) (٨). فستلمس صيغة الرحمة قد تجلت بأرق مظاهرها الصادقة وأرقاها ، توجيه رحيم ، واستعارة هادفة ، وعاطفة مهذبة ، فقد اقترنت الرحمة بالاسترحام ، وخفض الجناح بتواضع بل بذل إشفاقاً وحنواً وحدباً ، فكما يخفض الطائر الوجل أو المطمئن السارب جناحيه حذراً أو عطفاً أو احتضاناً لصغاره حباً بهم ، أو صيانة لهم من كل الطوارىء ، أو هما معاً ، فكذلك رحمة الولد البار بوالديه شفقة ورعاية ، مواساة ومعاناة ، في حالتي الصحة والسقم ، الرضا والغضب ،
__________________
(١) آل عمران : ١٥٧. (٢) آل عمران : ١٥٩. (٣) مريم : ١ ـ ٢. (٤) الأعراف : ١٥١. |
(٥) الإسراء : ٢٤. (٦) مريم : ٣. (٧) البقرة : ١٠٥. (٨) الإسراء : ٢٤. |