الصوت اللغوي في القرآن

قائمة الکتاب

البحث

البحث في الصوت اللغوي في القرآن

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
إضاءة الخلفية
200%100%50%
بسم الله الرحمن الرحيم
عرض الکتاب

الصوت اللغوي في القرآن

الصوت اللغوي في القرآن

الصوت اللغوي في القرآن

تحمیل

شارك

٤ ـ محاكاة الأصوات :

وقد ذهب ابن جني مذهباً صوتياً فريداً يربط بين الصوت والفعل تارة ، وبين الصوت والاسم تارة أخرى ، ويبحث علاقة كل منهما بالأخر علاقة حسية ومادية متجسدة ، فجرس الألفاظ ووقعها فيما يحدثه من أصوات وأصداء سمعية قد يكون متجانساً ومقارباً لنوعية عنده فيقول :

« فإن كثيرا من هذه اللغة وجدته مضاهياً بأجراس حروفه أصوات الأفعال التي عبر بها عنها ، ألا تراهم قالوا : قضم في اليابس ، وخضم في الرطب. وذلك لقوة القاف وضعف الخاء ، فجعلوا الصوت الأقوى للفعل الأقوى ، والصوت الأضعف للفعل الأضعف » (١).

وتجده يلائم بين الصوت اللغوي وعلاقته بصوت الطائر في الاستطالة والقطع ، فالراء مرددة مكررة مستطيلة ، وصوت الجندب مثلاً مستطيل ، فجعلت له « صرّ » مشددة ، وصوت البازي مثلاً متقطع ، فقطعت الراء فكانت « صرصر » وذلك ما رآه :

« وكذلك قالوا «صر الجندب » فكرروا الراء لما هناك من استطالة صوته ، وقالوا « صرصر البازي » لما هناك من تقطيع صوته » (٢).

وفي هذا المجال فإن ابن جني لا يقف عند هذا الحد من النظرية والتطبيق ، بل يربط أحياناً بين الأصوات وبين ما سمي به الشيء ، نظراً لمشابهته لذلك الصوت المنطلق من التسمية ، كالبط لصوته ، والواق للصرد لصوته ، وغاق للغراب لصوته (٣).

وهو بهذا يذهب مذهب من يجد مناسبة ما بين الصوت والمعنى ، لا سيما عند البلاغيين في التماس علاقة اللفظ بالمعنى ، أو في الدلالة الحسية للفظ بالمعنى ، وهو من باب تسمية الشيء باسم صوته ، وتلك مقولة صحيحة في جملة من الأبعاد ، وحقيقة في كثير من المسميات والتسميات.

__________________

(١) ابن جني ، الخصائص : ١|٦٥.

(٢) المصدر نفسه : ١|١٦٥.

(٣) المصدر نفسه ٢|١٦٥.