كلام لا يشبه الكلام ، فناسب أن يؤتى فيه بألفاظ تنبيه لم تعهد ، لتكون أبلغ في قرع سمعه (١).
والتنبيه إنما يكون بأصوات تقبل عليها الناس ، ويصغي لما بعدها السامعون ، إذا المراد صوتية التنبيه ليس غير.
ويميل إلى هذا الرأي كثير من المعاصرين ، ويقطع بعضهم بأن المراد من هذه الحروف ـ دون شك ـ هو الافتتاح بها ، كما استفتحت العرب بألا الاستفتاحية وأضرابها (٢).
ويجب الالتفات إلا أن ابن عطية قد عدّ القول بأنها تنبيهات مغايراً للقول بأنها فواتح ، والظاهر عند السيوطي أنه بمعناه. (٣).
ويعضد القول بأنها فواتح روايتان أوردهما السيد هاشم البحراني في تفسير ، أسند أحدهما الى الإمام علي عليهالسلام ، والأخرى الى الإمام جعفر الصادق عليهالسلام (٤).
وأذا ثبتت هاتان الروايتان فالأخذ بمضمونهما هو أولى الوجوه في استكناه الفوائد المترتبة عليها ، أو المعاني المترددة فيها.
٥ ـ إن العرب كانوا إذا سمعوا القرآن لغوا فيه ، فأنزل الله هذا النظم البديع ليعجبوا منه ، ويكون تعجبهم سبباً لاستماعهم ، واستماعهم سبباً لاستماع ما بعده ، فترق القلوب وتلين الأفئدة (٥).
وهذا القول كان مظنّة لإقبال المستمعين على القرآن كما تدل على ذلك وقائع الأحداث عند تلاوة الرسول الأعظم صلىاللهعليهوآلهوسلم لهذه الفواتح على قريش ، وقد ضعّفه ابن كثير القرشي ( ت : ٧٧٤ هـ ) (٦).
__________________
(١) السيوطي ، الاتقان في علوم القرآن : ٣|٢٧.
(٢) عبد الجبار حمد شرارة ، الحروف المقطعة في القرآن الكريم : ٥٨ ـ ٦٨.
(٣) ظ : السيوطي ، الاتقان في علوم القرآن : ٣|٢٧.
(٤) ظ : هاشم البحراني ، البرهان في تفسيرالقرآن : ١|٣٤.
(٥) الزركشي ، البرهان في علوم القرآن : ١|١٧٥.
(٦) ظ : ابن كثير ، تفسير القرآن العظيم : ١|٣٦.