نعم ، وقع في شرح الزنجانيّ للعلّامة التفتازانيّ ما يوافق كلام المصنّف ، ولعلّ المصنّف منه أخذ ، فإنّه قال : يبنى الفعل الماضي على الفتح ، إلا إذا اعتلّ آخره ، نحو : غزا ورمي ، لكن تعقّبه المحقّق اللقانيّ (١) في حاشيته عليه ، فقال في كون الفعل المعتلّ (٢) آخره ألف (٣) مستثنى من قوله على الفتح نظر ، لأنّ وجود الألف فرع عن فتح ما انقلبت عنه. فإن قلت : هو مستثنى باعتبار الألف فإنّها الآن آخر : قلت : قد استوفي البناء مقتضاه في الحرف الأصليّ ، فلا يكون السكون في الألف بناء ، انتهى. وهو في محلّه.
«أو اتّصل به ضمير رفع متحرّك» ، فيكون مبنيّا على السّكون أيضا ، نحو : ضربت ، بتثليث التاء كراهة توالي أربع حركات ، فيما هو كالكلمة الواحدة لشدّة اتّصال الفاعل بفعله ، وخرج بقيد الرفع ضمير النصب ، نحو : ضربك فإنّه مفعول ، وليس كالفاعل في شدّة الاتّصال ، وبالتحرّك الساكن غير الواو ، فهو في هاتين الحالتين مبنيّ على الفتح ، كما إذا تجرّد ، وقد شمل ذلك كلّه عموم المستثنى منه.
«أو» اتّصل به «واو» الجماعة فيكون مبنيّا على الضّمّ لمجانسة الواو ، نحو : ضربوا ، وأمّا نحو : دعوا واشتروا ، فالأصل دعووا ، بواوين ، أولاهما مضمومة ، واشتريوا بياء مضمومة ، فقبلت الواو والياء ألفين ، لتحرّكهما وانفتاح ما قبلهما ، ثمّ حذفت الألف لالتقاء الساكنين هي والواو ، كذا قال غير واحد ، وظاهر أنّه لا يتعيّن ذلك ، بل يجوز أن يقال : استثقلت الضمّة على الواو والياء ، فحذفت [الضمّة] ، ثمّ حذفت الواو والياء لالتقاء الساكنين هي وواو الجماعة.
وذهب بعضهم إلى أنّ الماضي مبنيّ على الفتح مطلقا ، وأمّا نحو : ضربت وضربوا ، فالسكون والضّم عارضان ، أوجبهما ما مرّ.
قال بعضهم ـ وهو التحقيق ، ولا ينافي ذلك قولهم : الأصل في المبنيّ أن يسكّن ، لأنّ ذلك في المبنيّ من حيث هو ، وهذا في الماضي فقط ، قال بعض المحقّقين : ويعارض القول بأنّ نحو : ضربوا مبنيّ على الضّمّ تصريحهم عند الكلام على ألقاب البناء أنّ الضّمّ لا يدخل الفعل وكذا الكسر ، فلتأمّل.
حكم الفعل المضارع : «و» الفعل «المضارع إذا اتّصل به نون إناث» ، سواء كان ضميرا أم حرفا ، ولم يقيّدها بالمباشرة ، لأنّها لا تكون إلا كذلك ، «كيضربن» من نحو : الهندات
__________________
(١) اللقانيّ إبراهيم بن إبراهيم من علماء الحديث. ولد في لقانة بمصر. له «جوهر التوحيد» و «بهجة المحافل» مات سنة ١٠٤١ ه ق. الأعلام. للزركلي ، ١ / ٢١.
(٢) من الفعل الماضي حتي هنا سقط في «س».
(٣) سقط الألف في «م وح وس».