٥٢ ـ ... |
|
أقائلنّ أحضروا الشّهودا (١) |
فضرورة كما تقدّم.
وأما ما حكى عن الإمام أبى الفتح بن جنىّ من قوله : دلّ هذا على أنّ نون التأكيد لا يختصّ بالفعل ، فغريب. وردّ ابن مالك هذا المذهب ، ودليله بأنّه كان يلزم بناء المجزوم والمقرون بحرف التنفيس والمسند إلى ياء المخاطبة ، لأنّها تختصّ بالفعل ، بل هى أليق من جهة أنّها ناسبت لفظا ومعنى ، والنّون ناسبت لفظا لا معنى ، لأنّ معناها يصلح للاسم ، وهو التأكيد ، قاله المرادىّ فى شرح التسهيل. «وإلّا» يتّصل به نون إناث ، ولا نون تأكيد مباشرة «فمرفوع ، إن تجرّد عن ناصب وجازم» ، أى عن كلّ ناصب وجازم.
النكرة فى الإثبات قد تكون للعموم : والنكرة فى الإثبات قد تكون للعموم ، وأمّا قول أبي طالب يخاطب النبىّ (ص) [من السريع] :
٥٣ ـ محمّد تفد نفسك كلّ نفس |
|
إذا ما خفت من أمر تبالا (٢) |
فعلى تقدير الجازم ، وهو لام الطلب ، أى لتفد ، والتبال : الوبال ، أبدلت الواو تاء ، كما قالوا فى وراث ووجاه : تراث وتجاه ، وأمّا قول امرئ القيس [من السريع] :
٥٤ ـ فاليوم أشرب غير مستحقب |
|
إثما من الله ولا واغل (٣) |
فليس قوله : أشرب مجزوما ، وإنّما هو مرفوع ، ولكن حذفت الضّمّة للضرورة ، أو على تتريل ربع بالضمّ من قوله : أشرب غير مترلة عضد بالضّمّ ، فإنّهم قد يجرون المنفصل مجرى المتّصل ، فكما يقال فى عضد بالضمّ : عضد بالسكون ، كذلك قيل في ربع بالضم : ربع بالإسكان ، قاله ابن هشام فى شرح الشذور (٤).
وفيه أمران : أحدهما حذف لام الطلب فى الأوّل ، والثانى حركة الإعراب في الثانى ، وكلاهما ممّا اختلف في جوازه ، أمّا حذف لام الطلب فالّذى حقّقه في المغنى ، وصحّحه غيره أنّه مختصّ بالشعر وقيل : باطّراده في نحو : قل له : ليفعل ، وعليه الكسائيّ ، وقيل بجوازه بعد القول مطلقا ، وعليه ابن مالك ، وقيل بالمنع مطلقا ، وعليه المبرّد.
__________________
(١) تقدم برقم ٤٣.
(٢) هو لأبي طالب عمّ محمد (ص). اللغة : تفد : حذفت منه اللام للضرورة وهو مضارع فديته أى صيرت فداءه.
(٣) اللغة : المستحقب : أصله الّذي يجمع حاجاته في الحقيبة ، والمراد غير مكتسب ، الواغل : الداخل على طعام القوم وشرابهم من غير دعوة.
(٤) الأنصاري جمال الدين ابن هشام ، شرح شذور الذهب ، قم ، دار الهجرة ، الطبعة الثالثة ، ١٤١٤ ه ، ص ٢١٣.