إنشائيته ، وليست هذه الحيثية هى جهة كونه فعلا ، بل فعليته باعتبار دلالته على الحدث المطلوب من المخاطب وعلى زمان ذلك الحدث ، وهو المستقبل فقد ثبت كونه فعلا لدلالته بحسب الوضع على الحدث وزمانه ، وإن كان لا دلالة له على الزّمان من حيث كونه إنشاء.
قال : وكذا إذا قلنا بأنّ الأنشاء لا بدّ له من زمان حال ، كما ذهب إليه بعضهم في سائر الإنشاءات لم يشكل الأمر لأنّا نقول : له زمنان : زمن إيقاعه من المتكلّم ، وهذا زمنه من حيث هو إنشاء ، وهو الحال وزمن حدثه المسند إلى المخاطب ، وهذا زمنه من حيث هو فعل ، وحينئذ فالأنشاء نوعان : إنشاء حدثه مسند إلى غير المخاطب كـ «بعت» وهذا حال فقط ، ليست الحال من دلالته بل من ضرورة وقوعه ، وإنشاء حدثه مسند إلى المخاطب ، وهو الأمر المدلول عليه بالصيغة ، وهذا واقع فى حال من حيث هو إنشاء وأمّا من حيث إسناد حدثه إلى المخاطب المأمور فهو مستقبل ، ولا شكّ أنّه فعل بهذا الاعتبار ، انتهى.
وفيه بحث يظهر من مراجعة كلام شيخنا الذى أسلفناه عند ذكر الأمر في تقسيم الفعل ، فليرجع إليه.
فصل في حدّ الإعراب والبناء وأنواعها ومعنى الإعراب لغة واصطلاحا
ص : فائدة : الإعراب أثر يجلبه العامل في آخر الكلمة لفظا أو تقديرا ، وأنواعه : رفع ونصب وخفض وجزم ، فالأوّلان يوجدان في الاسم والفعل ، والثالث : يختصّ بالاسم ، والرابع : بالفعل.
والبناء : كيفية فى آخر الكلمه : لا يجلبها عامل ، وأنواعه : ضمّ وكسر وفتح وسكون ، فالأوّلان يوجدان في الاسم والحرف ، نحو : حيث وأمس ومنذ ولام الجرّ والأخيران : يوجدان في الكلم الثلاث : نحو أين وقام وسوف وكم وقم وهل.
ش : هذا فصل في حدّ الإعراب والبناء وأنواعهما. الإعراب لغة يطلق على معان كثيرة. قال ابن فلاح (١) في المغني وفي نقله من اللغة إلى اصطلاح النّحويّين خمسة أوجه ، أحدها : أنّه منقول من الإعراب الذى هو البيان ، ومنه قوله (ص) : الثّيّب يعرب عنها لسانها (٢) ، أى يبيّن ، والمعنى على هذا أنّ الإعراب يبيّن معنى الكلمة ، كما يبيّن الانسان
__________________
(١) منصور بن فلّاح الشيخ تقي الدين المشهور بابن فلاح النحويّ ، له مؤلّفات في العربية منها : الكافي ، مات سنة ٦٨٠ ه. بغية الوعاة ٢ / ٣٠٢.
(٢) قزويني ، سنن ابن ماجه ، الطبعة الأولى ، دار الفكر ، بيروت ، ١٤٤١ ه ق ، ص ٤٣٩ رقم ١٨٧١.