عمّا في نفسه ، الثانى : أنّه مشتقّ من قولهم : عربت معدة البعير ، إذا فسدت ، وأعربتها ، أي أصلحتها ، والهمزة للسلب ، كما تقول : أشكيت الرّجل (١) ، إذا أزلت (٢) شكايته ، والمعنى على هذا أنّ الإعراب أزال عن الكلام التباس معانيه ، الثالث : أنّه مشتقّ من ذلك ، والهمزة للتعدية لا للسبب ، والمعنى على هذا أن الكلام كان فاسدا لالتباس المعاني ، فلمّا أعرب فسد بالتغيير الذى لحقه ، وظاهر التغيير فساد ، وإن كان صلاحا في المعنى ، الرابع : أنّه منقول من التحبّب ، ومنه امرأة عروب ، إذا كانت متحبّبة إلى زوجها ، والمعنى على هذا أنّ المتكلّم بالإعراب يتحبّب إلى السامع ، الخامس : أنّه منقول من أعرب الرجل ، إذا تكلّم بالعربية ، لأنّ المتكلّم بغير الإعرب غير المتكلّم بالعربية ، لأنّ اللغة الفاسدة ليست من العربية ، والمعنى على هذا أنّ المتكلّم بالاعراب موافق للّغة العربية ، انتهى.
معنى العامل :
ويجوز كونه من الوجه الثالث بعلاقة التضاد ، واصطلاحا على القول بأنّه لفظىّ أثر من حركة أو حرف أو سكون أو حذف. «يجلبه» بضمّ اللام وكسرها ، أي يحدثه العامل ، وهو ما أثّر فى آخر الكلمة أثرا ، له تعلّق بالمعنى التركيبي بخلاف ما لا يجلبه عامل كحركة النقل والإتّباع والحكاية والتقاء الساكنين ، فليس إعرابا في آخر الكلمة من اسم متمكّن وفعل مضارع مجرّد عن نوني الإناث والتوكيد ، إذ لا يعرب من الكلمات سواهما ، والتقييد بالآخر بيان لمحلّ الإعراب لا للاحتراز به عن شيء ، إذ العامل لا يجلب أثرا في غير الآخر خلافا للكوفيين.
والمراد به ما كان حقيقة كدال زيد ، أو منزّلا منزلته كدال يد ، وكذا الأفعال الخمسة ، فإنّ علامات الإعراب فيها النون وحذفها ، وليست آخر الكلمة ، ولا متّصلة بالآخر ، بل بالضمير الذّى هو فاعل ، لكنّ الفاعل بمترلة (٣) الجزء من الفعل ، وكذا اثنا عشر واثنتا عشرة ، فإنّ الإعراب فيهما في جزء أوّل الكلمة ، وأمّا الجزء الثاني ، فقال ابن هشام : الذي يظهر لي في الجواب أنّه حالّ محلّ النون ، وهي بمترلة التنوين ، وهو لا يخرج ما قبله عن أن يكون آخرا ، كما أنّ النّون في نحو مسلمان ومسلمون.
__________________
(١) سقط الرجل في «س».
(٢) زالت شكايته «س».
(٣) في «ط» هذه الكلمه مطموسة.