وقسمّه بعضهم إلى لفظي وتقديري ومحلي ، وفسّر المحلي بموضع الاسم المبني ، بمعنى أنّه لو كان فيه كلمة معربة لظهر فيها الإعراب.
تنبيهات : الأوّل : ما فسّرنا به العامل ، هو معناه الأعمّ ، وهو الذى ينبغى إرادته هنا ، لينطبق على عامل الاسم والفعل ، وله معنى أخصّ ، وهو ما به يتقوّم المعنى المقتضي للإعراب ، وهذا إنّما ينطبق على عامل الاسم ، فلا تصحّ إرادته في هذا الباب ، إذ المقصود تعريف الإعراب مطلقا ، سواء كان في الاسم أو في الفعل ، وبهذا يندفع ما توهّمه بعضهم من استلزام الدور في تعريف الإعراب.
الثانى : الأصل في العامل أن يكون من الفعل ، ثمّ من الحرف ، ثمّ من الاسم ، والأصل مخالفته مع المعمول في النوع ، فإن كانا من نوع واحد فلمشابهته ما لا يكون من نوع المعمول ، كاسم الفاعل العامل ، ولا يؤثّر العامل أثرين في محلّ واحد ، ولا يجتمع عاملان على معمول واحد إلا في التقدير ، نحو : ليس زيد بجبان ، خلافا للفرّاء في نحو : قام وقعد زيد ، ولا يمتنع أن يكون للعامل معمولات ، قاله في الإرتشاف (١).
الصحيح في الإعراب أنّه زائدة على ماهية الكلمة : فائدة : الصحيح في الإعراب أنّه زائدة على ماهية الكلمة ، كما جزم به أبو حيان ، خلافا لابن مالك في أنّه جزء منها وبعضها ، وذكر الزجاجىّ في أسرار النحّو ، أنّ الكلام سابق على الإعراب في المرتبة ، وهل تلفّظت العرب به زمانا غير معرب ، ثمّ رأت اشتباه المعانى ، فاعربت أو نطقت به معربا في أوّل تبلبل (٢) ألسنتها به ، ولا يقدح ذلك في سبق رتبة الكلام كتقدّم الجسم الأسود على السّواد ، وإن لم يزائله خلافا للنحاة.
وفي اللّباب (٣) لأبي البقاء أنّ المحقّقين على الثاني ، لأنّ واضع اللغة حكيم يعلم أنّ الكلام عند التركيب لا بدّ أن يعرض فيه لبس ، فحكمته تقتضي أن يضع الإعراب مقارنا للكلام ، قاله في الهمع ، وهو عند البصريّين أصل في الأسماء فرع في الأفعال ، كما مرّ ، وعند الكوفيّين أصل فيهما ، وعند بعض المتأخّرين أنّ الفعل أحقّ بالإعراب من الاسم.
قال أبو حيّان : وهو من الخلاف الّذي لا يكون فيه كبير منفعة.
__________________
(١) إرتشاف الضرب في لسان العرب ، في النحو ، مجلّدان ، لأثير الدين أبي حيان. كشف الظنون ١ / ٦١.
(٢) التبلبل : اختلاط.
(٣) اللباب في علل البناء والإعراب في النحو لأبي البقاء عبد الله بن حسين العكبري النحويّ المتوفّى سنة ٦١٦ ه ق. المصدر السابق ٢ / ١٥٤٢.