قال أبو حيّان : والصحيح أنّها لا تتصرّف ، لكنّها جرّت بمن كثيرا ، وبفي شاذّا ، وبعلى والباء وإلى ولدي ، ولم تجئ فاعلا ولا مفعولا به ولا مبتدأ ، انتهى. وسيأتي الكلام على لزوم إضافتها إلى الجملة في بحث الإضافة ، إن شاء الله تعإلى.
أمس ومنذ : وأمّا وجود الكسر في الاسم فنحو : أمس عند أهل الحجاز مطلقا إن أريد به معيّن ، ولم يضف ، ولم يعرّف بأل ولم يكسر (١) ولم يصغّر ، وبني لتضمّنه معنى لام التعريف ، وكان البناء على حركة إشعارا بأنّ له أصلا في الإعراب ، وكانت كسرة لأنّها الأصل في التخلّص من التقاء الساكنين ، وأكثر بني تميم يوافقهم إلا في حالة الرفع ، فيعربه إعراب ما لا ينصرف للعلميّة والعدل عن الأمس ، ومنهم من أعربه كذلك مطلقا ، فإنّ فقد شرط من الشروط المتقدّمة فلا خلاف في إعرابه وصرفه ، وإن استعملت المجرّد المراد به معيّن ظرفا كان مبنيّا على الكسر بالإجماع لتضمّنه معنى الحرف.
وقد نظم العلامة شرف المدرّسين الشيخ عبد الرحمن بن عيسي المرشدي (٢) شروط بناء أمس فقال [من الرجز] :
٦١ ـ جرّد عن أل أمسا إذا شئت بناء |
|
ولا تضف ولا تقل أمسينا |
مصغّرا وأفردن وعيّن |
|
ظرفا فجامع لهذه بيّن |
بالاتّفاق عند كلّ العرب |
|
وإن فقدت واحدا فأعرب |
بلا خلاف في سوى الأخير |
|
ومع خلاف بينهم شهير |
في فقدك الأخير منها وحده |
|
كأمس خير من غد فعدّه |
فساكنوا الحجاز قالوا بالبناء |
|
أيضا كما لو كان ظرفا بيّنا |
أمّا التميميّون قالوا يعرب |
|
ممنوع صرف ذا لبعض مذهب |
وبعضهم أعربه منصرفا |
|
فاشكر لنظم بالشروط قد وفى |
قلت : قد علمت أنّ أكثر التميميّين يوافق الحجازيّين إلا في حالة الرفع ، وغير الأكثر يمنعه مطلقا ، هذا هو المشهور عنهم ، فالأولى أن يقال بدل البيت الأخير :
وجلّهم يخصّ ذا الإعرابا |
|
بحال رفع فافهم الصوابا |
__________________
(١) سقط لم يكسّر في «ح».
(٢) عبد الرحمن بن عيسى ، أبو الوجاهة العمري المرشدي ، أحد الشعراء العلماء في الحجاز ، من كتبه «الترصيف في فن التصريف» أرجوزة في علم الصرف «الوافي في شرح الكافي» و... مات سنة ١٠٣٧ ه. الأعلام للزركلي ، ٤ / ٩٥.