لاستثقال الضّمّ والكسر بعد الياء ، ووجوده في الفعل ، نحو : «قام و» ضرب ، وكان بناؤه على الفتح لما مرّ ، ووجوده في الحرف ، نحو : «سوف» ، وبنيت على الحركة ، وكانت فتحة لما قلنا في أين ، وهي مرادفة للسين كما مرّ.
سوف : وقال البصريّون : هي أوسع زمانا منها ، لأنّ كثرة الحروف تدلّ على كثرة المعنى ، ويقال فيها : «سف» بحذف الوسط ، و «سو» بحذف الأخير ، و «سي» بحذفه وقلب الوسط ياء ، مبالغة في التخفيف ، حكاه صاحب المحكم (١) ، وتنفرد عن السين بدخول اللام عليها نحو : (وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ) [الضّحي / ٥]. قال أبو حيّان : وإنّما امتنع دخول اللام على السين كراهة توإلي الحركات في «لسيدحرج» ، ثمّ طرد الباقي.
قال ابن بابشاذ (٢) : والغالب على «سوف» استعمالها في الوعيد والتهديد ، وعلى السين استعمالها في الوعد ، وقد تستعمل سوف في الوعد ، والسين في الوعيد ، انتهى.
ووجود السّكون فى الاسم ، نحو : «كم» ، سواء كانت استفهاميّة بمعنى أيّ عدد ، أو خبريّة بمعنى عدد كثير ، وبنيت في الموضعين لشبهها بالحرف وضعا لتضمّن الاستفهاميّة همزة الاستفهام ، والخبريّة ، حرف تكثير ، إمّا محقّقا وضعه ، نحو : ربّ ، ومن الجنسيّة ، وإمّا مقدّرا ، وسنستوفي الكلام عليها في حديقة المفردات ، إن شاء الله تعإلى.
ووجوده في الفعل نحو : «قم» على الأصحّ عند جمهور البصريّين كما مرّ ، ووجوده في الحرف نحو : هل ، وقد تكون حركات البناء مقدّرة كتقدير الضّمّ في باء سيبويه ، والفتح في نحو : لا فتى إلا عليّ.
فائدة : إذا جاء شيء ممّا الأصل فيه البناء مبنيّا فلا يسأل عن سبب بنائه لمجيئه على أصله ، ثمّ إن جاء مبنيّا على السكون ، فلا يسأل أيضا عن سبب بنائه عليه لذلك ، أو على حركة يسأل عنه سؤالات : لم عدل إلى الحركة؟ ولم كانت الحركة كذا؟ وإن جاء شئ ممّا الأصل فيه الإعراب مبنيّا على السكون سئل عنه سؤال واحد لم بني؟ أو حركة سئل عنه ثلاثة أسئلة ، لم بني؟ ولم عدل إلى الحركة؟ ولم كانت الحركة كذا؟ ذكرنا ذلك كلّه فيما مرّ من الأمثلة.
__________________
(١) صاحب المحكم هو أبو الحسن علي بن اسماعيل المعروف بابن سيدة اللغوي المتوّفى سنة ٤٥٨ ه. وهذا الكتاب كبير مشتمل على أنواع اللغة. كشف الظنون ٢ / ١٦١٦.
(٢) طاهر بن أحمد بن بابشاذ ـ ومعناه الفرح والسرور ـ أبو الحسن النحوي المصريّ أحد الائمة في هذا الشأن ، من تصانيفه : شرح جمل الزجاجي ، المحتسب في النحو و... مات سنة ٤٦٩ ه. بغية الوعاة ٢ / ١٧.