فصل في علامات الرّفع
ص : توضيح : علائم الرفع أربع ، الضّمة ، والألف ، والواو ، والنون. فالضّمّة : في الاسم المفرد والجمع المكسّر والجمع المؤنّث السالم والمضارع. والألف : في المثنّي ، وهو ما دلّ على اثنين ، وأغني عن متعاطفين ، وملحقاته ، وهي كلا وكلتا مضافين إلى مضمر ، واثنان وفرعاه ، والواو في الجمع المذكّر السالم وملحقاته ، وهي أولو وعشرون وبابه ، والأسماء السّتّة ، وهي : أبوه وأخوه وحموها وفوه وهنوه وذومال ، مفردة مكبّرة ، مضافة إلى غير الياء والنّون في المضارع المتّصل به ضمير رفع ، لمثنّى أو جمع أو مخاطبة ؛ نحو يفعلان وتفعلان ويفعلون وتفعلون وتفعلين.
ش : هذا فصل في علامات الرفع : «علائم الرفع» وهو ما يحدثه عامله سواء كان لفظيّا أو معنويّا ، وهذا هو النّوع الأوّل من أنواع الإعراب ، وهي «أربع» بالاستقراء ، لا زائد عليها ، فإن قلت : ما وجه جمع المصنّف العلامة جمع كثرة ، والعلامات كلّها أربع. وجمع الكثرة أقلّه باتّفاق النّحاة أحد عشر؟ قلت قد يعتذر عنه بأنّه من وضع جمع الكثرة موضع جمع القلّة ، كقوله تعإلى : (ثَلاثَةَ قُرُوءٍ) [البقرة / ٢٢٨] ، أو إنّه أراد التنبيه على مسألة غريبة ، ذكرها السعد التفتازانيّ في التلويح (١) ، والمشهور خلافها ، وهي أنّ جمعي الكثرة والقلّة متّفقان باعتبار المبدأ مفترقان باعتبار المنتهى ، فمبدأ كلّ منهما الثلاثة ، ومنتهي جمع القلّة العشرة ، ولا نهاية لجمع الكثرة ، قال : وهذا أوفق بالاستعمالات ، وإن صرّح بخلافه كثير من الثقات ، فيصحّ على هذا تعبير المصنّف من غير تجوّز ، وبه ينحلّ استشكال اتّفاق الفقهاء على من أقرّ بدراهم ، يقبل منه تفسيرها بثلاثة ، ولا حاجة إلى دعوي المجاز واستشكالها بعدم قبول التفسير من الناطق بحقائق الألفاظ في الأقارير بالمجاز.
والعلائم «الأربع» : إحداها «الضمّة» ، وهي الأصل ، لأنّ الإعراب بالحركات أصل الإعراب بالحروف ، ومن ثمّ لا يقوم مقامها غيرها ، إلا عند تعذّرها ، ولذلك قدّمها.
«و» الثانية : «الألف» ، وهي فرع نائب عن الضّمّة عند تعذّرها لكونها أخت الواو المتولّدة عنها عند إشباعها ، إذ هما من حروف المدّ واللين ، فكان الأنسب أن يقدّم
__________________
(١) التلويح علي التنقيح في أصول الفقه من مصنّفات التفتازانيّ.