الواو عليها ، كما فعل صاحب جروميّة (١) ، وغيره ، لكنّه أراد أن يرتّب على تقديمها تقديم المثنّي على المجموع في المواضع الّتي تنوب فيها هذه الفروع كما سيأتي ، فقدّمها فما خلا ذلك عن فائدة.
«و» الثالثة : «الواو» ، وهي أيضا فرع نائب عن الضّمّة عند تعذّرها لكونها متولّدة منها عند إشباعها ، كما قلنا ، فهي بنتها.
«و» الرابعة : «النّون» ، وهي أيضا كذلك ، لكونها مقاربة للواو في المخرج ، ولهذا تدغم فيها ، ولكلّ من هذه العلائم مواضع تخصّها.
فأمّا «الضمّة» فتكون علامة للرفع أصالة «في» أربعة مواضع : أحدها : «الاسم المفرد» ، والمراد به ما ليس مثنّى ولا مجموعا ولا من الأسماء السّتّة منصرفا كان ، نحو : جاء زيد ، أو غير منصرف ، نحو : قال إبراهيم. لمؤنّث ، نحو : جاءت هند ، أو مذكّر ، كما مرّ ، ظاهرة فيه الضمّة ، أو مقدّرة ، كقام عمرو ، وقال موسى.
تنبيه : قال بعضهم : استشكل هذا الإطلاق بأنّ من المفرد ما لا يرفع بالضمّة ، كملحقات المثنّي والمجموع ، ويمكن الجواب بأنّ هذه القاعدة وأمثالها غالبيّة ، وبأنّ الألف واللام في المفرد للجنس ، ولأنّ المراد بالمثنّى ما يشمل المثنّى حقيقة أو حكما ، وكذا المجموع.
جمع التكسير : «و» ثانيها : «الجمع المكسّر» ، وهو ما تغيّر فيه بناء مفرده إمّا بزيادة ليست عوضا ، كصنو وصنوان ، أو نقص كتخمة وتخم ، أو بتغيير شكل من غير زيادة ولا نقصان ، كأسد وأسد ، أو مع زيادة كرجل ورجال ، أو مع نقص كرسول ورسل ، أو معهما ، كغلام وغلمان ، تحقيقا كما مرّ ، أو تقديرا ، كفلك ، ممّا الجمع والواحد فيه متّحدان في الصورة ، نحو (فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ) [الشعراء / ١١٩] ، (وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَواخِرَ) [فاطر / ١٢].
فالضّمّة فيه إذا كان مفردا ضمّة قفل ، وإذا كان جمعا ضمّة أسد ، وأمّا جنب وإن كان يطلق على الواحد والجمع بلفظ واحد ، نحو : زيد جنب ، والزيدان جنب ، والزّيدون جنب ، فإنّهم لم يعدّوه من هذا الباب ، وإن أمكن التقدير فيجعل جنب المفرد ، كعنق ، والجمع ككتب ، وذلك لأنّه لم تسمع له تثنية تقوم دليلا على أنّهم قصدوا تغيير اللفظ عند أختلاف مدلولاته ، بل استعمل بلفظ واحد في الحالات الثلاث ، بخلاف فلك ،
__________________
(١) صاحب الجروميّة هو محمد بن محمد بن داود الصنهاجي النحويّ المشهور بابن آجروم ، كانت وفاته سنة ٧٢٣ ه. المصدر السابق ، ١ / ٢٣٨.