فإنّه سمع تثنيته حيث قيل : فلكان ، فدلّ ذلك على أنّهم قصدوا تغيير اللفظ عند اختلاف المدلول ، فسلك بالجمع سبيل المثنّي تقديرا فكان الفرق واضحا ، وأمّا من ثنّى جنبا ، فقد جمعه أيضا. قال ابن مالك في باب أمثلة الجمع من التسهيل : والأصح كونه ، يعني باب فلك ، اسم جمع مستغنيا عن تقدير التغيير ، انتهى.
تنبيهان : الأوّل : ما ذكرناه من التقسيم هو تقسيم ابن مالك ، واعترض عليه بأنّه لا تحرير فيه ، لأنّ صنوان من باب زيادة وتبديل شكل ، وتخم من باب نقص وتبديل شكل ، لأنّ الحركات الّتي في الجمع غير الحركات الّتي في المفرد ، قاله المراديّ. ويجاب عنه بأنّه نظر إلى ظاهر اللفظ ، أو أنّه لا يري تقدير التغيير كما يؤخذ من كلامه ، قاله في التصريح ، وفي الجواب الثاني نظر.
الثاني : يرد على إطلاق المصنّف أنّ من جمع التكسير ما لا يرفع بالضّمة كملحقات جمع المذكّر السالم ، نحو : سنين وأرضين ، ويجاب بأنّ هذه القاعدة وأمثالها غالبيّة ، كما تقدّم ، وبأنّ المراد بجمع التكسير جنسه.
فائدتان : الأولى : يفارق جمع التكسير جمع السلامة في أربعة أشياء ، أحدها : أنّ جمع السلامة يختصّ بالعقلاء ، والتكسير لا يختصّ ، والثاني : أنّه يسلم فيه بناء المفرد ، ولا يسلم في التكسير ، والثالث : أنّه يعرب بالحروف ، وجمع التكسير بالحركات ، والرابع : أنّ الفعل (١) المسند إلى جمع السلامة لا يؤنّث ، ويؤنّث مع التكسير ، قاله أبو البقاء (٢) ، وذكره في التصريح.
الثّانية : مطلق الجمع على ضربين : قلّة وكثرة ، والقلّة : أفعال وأفعل وأفعلة وفعلة ، ومطلق الصحيح وما عدا ذلك جمع كثرة ، والمراد بالقليل من الثلاثة إلى العشرة ، وغير ذلك كثير ، وقد نظم بعضهم (٣) جموع القلّة ، فقال [من الطويل] :
٦٢ ـ ألا إنّ أفعالا مثالا وأفعلا |
|
وفعلة للجمع القليل وأفعلة |
كحمل وأحمال وفلس وأفلس |
|
وفتية صدق والقذال وأقذلة |
ومن جمعه الجمع المصحح كله |
|
كزيدون والهندات نحوك مقبلة |
جمع المؤنّث السالم : «و» ثالثها «الجمع المؤنّث السالم» : وهو ما سلم فيه بناء مفرده ، سواء كان اسما أو وصفا ، وعبّر بعضهم بما جمع بألف وتاء مزيدتين ، وهو أولي ،
__________________
(١) سقط الفعل في «ح».
(٢) عبد الله الحسين أبو البقاء العكبري البغداديّ الضرير النحوي ، صنّف : إعراب القرآن ، اللباب في علل البناء والإعراب و... مات سنة ٦١٦ ه ق. المصدر السابق ٢ / ٣٨.
(٣) «بعضهم» سقط في «س».