فإن قلت : الاسم العلم إذا جمع زالت العلميّة منه ضرورة أنّ تثنية العلم وجمعه يقتضي إخراجه عن حقيقة كونه علما إذ يصير نكرة ، لأنّ العلم إنّما يكون معرفة على تقدير أفراده لموضوعه لكونه لم يوضع علما إلا مفردا فهو دالّ على الوحدة ، والتثنية والجمع يدلّان على التعدّد ، والوحدة والتعدّد متضادّان ، قلت : أجيب بأنّ معنى كلامهم أنّ الاسم إذا كان علما بشروطه صحّ إيراد الجمع عليه ، وذلك بعد أن تنكّره ، وليس المراد أنّه يبقي علما ، ويجمع على تلك الحال فيؤوّل الأمر إلى أنّ ما يشترط وجوده شرط للإقدام على الحكم ، وعدمه شرط لثبوت ذلك الحكم.
لغز للبدر الدمامينيّ : وقد نظم الدّمامينيّ في ذلك لغزا فقال [من الطويل] :
٦٥ ـ أيا علماء الهند لا زال فضلكم |
|
مدي الدّهر يبدو في منازل سعده |
ألمّ بكم شخص غريب لتحسنوا |
|
بإرشاده عند السؤال لقصده |
وها هو يبدي ما تعسّر فهمه |
|
عليه لتهدوه إلى سبل رشده |
فيسأل ما أمر شرطتم وجوده |
|
لحكم فلم تقض النحاة برده |
فلمّا وجدنا ذلك الأمر حاصلا |
|
منعتم ثبوت الحكم إلا بفقده |
وهذا لعمري في الغرابة غاية |
|
فهل من جواب تنعمون بسرده |
السادس : قال بعضهم : إن أريد بجمع المذكور ما هو جمع في الأصل أو في الحال ورد عليه جمع جعلت نونه معتقب الإعراب ، نحو : قنسرين (١) ، فإنّه يعرب بالحركات ، والياء ملتزمة كالألف في المثنّى ، كذلك وإن أريد الجمع في الحال خرج الجمع العلم المعرب بالواو والياء ، انتهى. وأجاب بعض المحقّقين باختيار الأخير ، ولا يضرّ خروج الجمع العلم لأنّه شاة.
السابع : حكم الاسم إذا جمع هذا الجمع كما إذا ثنّي من لحوق العلامة من غير تغيير ولا يستثنى إلا المنقوص والمقصور ، فإنّ آخرهما يحذف لالتقاء الساكنين ، ثمّ يضمّ ما قبل آخر المنقوص في الرّفع ، ويكسر في غيره مناسبة للحرف ، نحو : جاء القاضون ، ورأيت القاضين ، ومررت بالقاضين ، ويفتح ما قبل آخر المقصور دلالة على ما حذف ، نحو : (وَإِنَّهُمْ عِنْدَنا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ) [ص / ٤٧].
__________________
(١) القنسر : الكبير المسن والقديم.