المراد بالمنصرف : والمراد بالمنصرف ما دخلة الصرف الّذي هو التنوين الدّالّ على الأمكنية ، وجرّ بالكسرة.
وقد تلخّص ممّا مرّ إلى هنا أنّ الاسم المفرد والجمع المكسّر المنصرفين يرفعان بالضّمّة ، وينصبان بالفتحة ، ويجرّان بالكسرة هذا هو الأصل ، نحو : جاء زيد ورجال ، ورأيت زيدا ورجالا ، ومررت بزيد ورجال ، وما عدا ذلك فرع ، كما اتّضح ويتّضح.
«و» الثالث : «الجمع المؤنّث السالم» ، فهو يرفع بالضّمّة ، وينصب ويجّر بالكسرة ، نحو : جاءت الهندات ، ورأيت الهندات ، ومررت بالهندات ، وكذا ما حمل عليه.
«و» أمّا «الياء» فتكون علامة للجرّ نيابة عن الكسرة «في» ثلاثة مواضع : أحدها «الأسماء السّتّة» المقدّم ذكرها ، فتلخّص أنّها ترفع بالواو ، وتنصب بالألف ، وتجرّ بالياء نيابة عن الحركات.
هذا هو المشهور من أقوال عشرة ، ذكرها أبو حيّان في الإرتشاف ، وشرحه على التسهيل ، وهو مذهب قطرب (١) والزياديّ (٢) والزجاجيّ من البصريّين وهشام من الكوفيّين.
وردّ بأنّ الإعراب زائد على الكلمة ، فيؤدّي إلى بقاء «فيك» و «ذي مال» على حرف واحد ، ولا نظير لذلك ، وأجاب الرّضيّ بأنّه لا محذور في جعل الإعراب من سنخ الكلمة لغرض التخفيف ، فيقتصر على ما يصلح للإعراب من سنخها ، كما اقتصر في المثنّى والمجموع على ما يصلح للإعراب من سنخها (٣) ، أعني علامة التثنية والجمع ، إذ هي من سنخ المثنّى والمجموع ، انتهى.
قالوا : وإنّما أعربت هذه الأسماء بالحروف ، لأنّهم لمّا أعربوا المثنّى والمجموع بالحروف ، أرادوا أن يجعلوا إعراب بعض الآحاد أيضا كذلك ، لئلا يكون بينهما وبين الآحاد منافرة تامّة ، ولأنّ الحروف وإن كانت فروعا للحركات إلا أنّها أقوي منها ، لأنّ كلّ حرف علّة كحركتين ، فكرهوا استبداد المثنّي والمجموع الفرعين عن المفرد بالاعراب بالأقوي ، فاختاروا هذه الأسماء ، وجعلوها معربة بالحروف ، ليكون في المفردات الإعراب بالأصل ، وهو الحركة ، وبالأقوي وهو الحرف.
__________________
(١) محمد بن مستنير أبو علي النحوي المعروف بقطرب ، له من التصانيف ، العلل في النحو ، إعراب القرآن ، المصنّف الغريب في اللغة ، مات سنة ٢٠٦ ، بغية الوعاة ١ / ٢٤٢.
(٢) إبراهيم بن سفيان أبو إسحاق الزيادي ، كان نحوّيا لعّويا راوية ، صنّف : النقط والشكل ، شرح نكت سيبويه. مات سنة ٢٤٩ ه ، المصدر السابق ص ٤١٤.
(٣) هذه الجملة سقطت في «س».