بالواو ، لأنّ المثنّى أكثر دورانا في الكلام من الجمع والألف خفيفة ، والواو ثقلية بالنسبة إليه (١) فجعلوا الخفيف في الكثير والثقيل في القليل ، ليكثر في كلامهم ما يستخفّون ويقلّ ما يستثقلون.
قاله ابن أياز (٢) في شرح الفصول : وفيه نظر إذ لقائل أن يقول : لم لم يجعلوا الألف علامة للنصب أو الجرّ في المثنّى ، والواو كذلك في الجمع مع بقاء هذا التعليل ، فيحتاج إلى تعليل آخر ، نعم هذا يصلح تعليلا لجعل الألف علامة للتثنية والواو علامة للجمع ، والصواب أن يقال : «إنّما أعرب المثنّى والمجموع هذا الاعراب المعيّن ، أي بالألف في المثنّى والواو في المجموع رفعا ، والياء فيهما جرّا ونصبا ، لأنّ الألف كان قد جلب قبل الإعراب في المثنّى علامة للتثنية والواو في الجمع علامة للجمع ، وهما يصلحان للإعراب كما مرّ ، وأسبق إعراب الرفع ، لأنّه علامة العمدة ، فجعلوا ألف المثنّى وواو المجموع علامة للرفع فيهما ، فلم يبق إلا الياء للجرّ والنصب فيهما ، والجرّ أولي بها ، إذ علامته الأصلية الكسرة ، وهي بعض الياء ، وحمل عليه النصب ، لكونها علامتي الفضلات.
وفرّق ما بين المثنّى والمجموع بأن فتحوا ما قبل الياء في التثنية لخفّة الفتحة وكثرة المثنّى ، وكسروه في الجمع لثقل الكسرة وقلّة المجموع ، وكسرت النون المزيدة لرفع توهّم إضافة أو افراد في المثنّى ، لأنّها ساكنة في الأصل ، والأصل في تحريك الساكن أن يكون بالكسرة ، وفتحت النون المزيدة أيضا لدفع توهّم إضافة أو افراد في الجمع للفرق في نحو المصطفين وطرد الباب في الباقي.
حدّ ما لا ينصرف : «و» أمّا «الفتحة» فتكون علامة للجرّ نيابة عن الكسرة عند تعذّرها «في» موضع واحد ، وهو «غير المنصرف» ، ويقال : ما لا ينصرف ، وهو ما فيه علّتان مؤثّرتان من علل تسع ، أو واحدة تقوم مقام العلّتين ، وسيأتي بيانها إن شاء الله تعإلى في آخر الحديقة الثانية ، سواء كان مفردا أو جمع تكسير كقوله تعالى : (وَأَوْحَيْنا إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ) [النساء / ١٦٣] ، و (يَعْمَلُونَ لَهُ ما يَشاءُ مِنْ مَحارِيبَ وَتَماثِيلَ) [سباء / ١٣] ، وإذا دخلت عليه أل أو أضيف ، جرّ بالكسرة ، كما سيأتي ، نحو : (وَأَنْتُمْ عاكِفُونَ فِي الْمَساجِدِ) [البقرة / ١٨٧] ، (خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ) [التين / ٤].
__________________
(١) سقط إليه في «س وط».
(٢) جمال الدين أبو محمد حسين بن بدر بن أياز بن عبد الله النحوي المتوّفى سنة ٦٨١ ، من تصانيفه : قواعد المطارحة ، والإسعاف في الخلاف ، وله شرح فصول ابن معط. بغية الوعاة ١ / ٥٣٢.