الصحيح والمعتلّ في اصطلاح النّحويّين والصرفيّين : فأمّا «السكون» فيكون علامة للجزم أصالة لفظا أو تقديرا «في» موضع واحد ، وهو الفعل «المضارع» حال كونه «صحيحا» وهو في اصطلاح النّحويّين ما ليس لامه حرف علّة ، أي واوا أو ألفا أو ياء ، ولذلك لم يحتج إلى ذكر الآخر بل لا يصحّ ذكره.
نعم يتّجه ذلك على اصطلاح الصرفيّين ، فإنّ الصحيح عندهم ما ليس أحد أصوله حرف علّة ، سواء كان فاء أو عينا أو لاما ، وسمّيت هذه الأحرف أحرف علّة ، لأنّ من شأنها أن ينقلب بعضها إلى بعض ، وحقيقة العلّة تغيير الشئ عن حالة ، وقيّده بذلك لإخراج المعتلّ ، فإنّ حكمه سيأتي ، وينبغي تقييده أيضا بكونه غير متّصل به شىء ممّا مرّ ، نحو : (لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ) [الإخلاص / ٤] ، و (لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ) [البينة / ١].
«و» أمّا «الحذف» فيكون علامة للجزم نيابة عن السكون في موضعين : أحدهما «فيه» ، أي في الفعل المضارع حال كونه «معتلّا» ، وهو في اصطلاح النّحويّين ما لامه حرف علّة ، ولذلك لم يحتج إلى ذكر الآخر كما مرّ بخلافه في اصطلاح الصرفيّين ، فإنّه ما أحد أصوله حرف علّة ، وإنّما جزم بحذف الآخر نيابة عن السكون ، لأنّ أحرف العلّة لضعفها بسكونها صارت كالحركات في الخفّة ، فتسلّط عليها العامل تسلّطة على الحركات ، وذلك نحو : لم يغز ولم يخش ولم يرم ، بحذف آخرهنّ ، والحركات أدلّة عليهنّ.
وأمّا قوله تعإلى : (لا تَخافُ دَرَكاً وَلا تَخْشى) [طه / ٧٧] بإثبات الألف ، فمؤوّل بحذف الالف الّتي هي لام الفعل (١) ، وهذه الألف ألف أخري ، جئ بها للفواصل كما في : (الظُّنُونَا) [الأحزاب / ١٠] ، و (السَّبِيلَا) [الأحزاب / ٦٧] ، قاله السيرافيّ. قال ابن هشام : إنّ لاء الثانية نافية ، فالواو للاستيناف أي : وأنت لا تخشى ، وأما قوله [من البسيط] :
٧٥ ـ هجوت زبّان ثمّ جئت معتذرا |
|
من هجو زبّان لم تهجو ولم تدع (٢) |
وقوله [من الوافر] :
٧٦ ـ ألم يأتيك والأنباء تنمي |
|
بما لاقت لبون بني زياد (٣) |
وقوله [من الرجز] :
٧٧ ـ إذا العجوز غضبت فطّلق |
|
ولا ترضّاها ولا تملّق (٤) |
__________________
(١) باثبات الالف الّتي هي لام الفعل «ح».
(٢) هو لزبان بن العلاء. اللغة : هجوت : شتمت.
(٣) هو مطلع قصيدة لقيس بن زهير : اللغة : الأنباء : جمع النباء : الخبر ، تنمي : ترتفع وتنشر ، اللبون : ذات اللبن ، أي الإبل.