المضارع المتّصل به نون تأكيد غير مباشرة : وحرّكت نون التاكيد في الصور الثلاث لالتقاء الساكنين الألف والنون المدغمة ، ولم تحذف الألف لئلا يلتبس بفعل الواحد ولا النّون لفوات المقصود منها وحرّكت بالكسر تشبيها بنون التثنية الواقعة بعد الألف وقد ظهر أنّ المضارع المتّصل به نون تأكيد غير مباشرة لا يقدّر فيه إلا الرفع فقط بخلاف النّصب والجزم ، فإنهما فيه لفظيّان.
واحترز بقيد غير المباشرة عن المباشرة ، فإنّ الفعل مبنيّ معهما كما مرّ ، وأظنّ المصنّف تبع في هذا السهو ابن هشام في الأوضح ، لكنّ ابن هشام لم يذكر التقدير إلا في صورة الجزم ، والمصنّف قاس النصب عليه على أنّ تأكيد المضارع بالنون بعد الناصب غير مسموع ، ولا يجوز إلا في نحو المثال الّذي ذكرناه على تقدير أن تكون لا نافية وأن مصدريّة ، وإلا فيجوز تقديرها ناهية ، فتكون أن مفسّرة ، لا مصدريّة ، فيجب الجزم حينئذ ، ويجوز الرفع أيضا على تقدير (١) لا نافية وأن مفسّرة.
تتمة : ويقدّر الإعراب بالحركات مطلقا أيضا ، أعني الرفع والنصب والجرّ في الاسم الّذي يسكن آخره للإدغام ، كجاء قاضيّ ، ورأيت قاضيّ ، ومررت بقاضيّ ، بكسر الضّاد وتشديد الياء المفتوحة في الثلاث ، والأصل قاضيي بياء محركة وساكنة ، أدغمت إحداهما في الأخري ، فالمانع من ظهور الحركة استحالة ظهورها لوجود إدغام حرف الاعراب ، فسكونه واجب ، إذ المدغم لا يكون إلا ساكنا.
ومثّل أبو حيّان للمدغم في حالة الرّفع بنحو : (وَقَتَلَ داوُدُ جالُوتَ) [البقرة / ٢٥١] بإدغام دال داود في جيم جالوت ، فداود مرفوع بضّمّة مقدّرة ، وفي حالة النصب بنحو : (وَتَرَى النَّاسَ سُكارى) [الحج / ٢] ، بإدغام السّين في السّين ، فالناس منصوب بفتحة مقدّرة ، وفي حالة الجرّ بنحو : (وَالْعادِياتِ ضَبْحاً) [العاديات / ١] بإدغام التاء في الضاد ، فالعاديات مجرور بكسرة مقدّرة.
وتقدّر أيضا في الحكايات على قول البصريّين ، نحو : من زيد ، لمن قال : جاء زيد ، ومن زيدا ، لمن قال : رأيت زيدا ، ومن زيد ، لمن قال : مررت بزيد.
وتقدّر مطلقا في الحروف في نحو : جاءني أبو القوم ، ورأيت أبا القوم ، ومررت بأبي القوم ، بأنّه لمّا أسقطت حروف الإعراب عن اللفظ بالتقاء الساكنين لم يبق الإعراب لفظيّا ، بل صار تقديريا ، وهذه الصور الثلاث زيادة على السبعة الّتي ذكرها المصنّف ، وظاهر كلامة أنّها غير مشهورة ، وليس كذلك.
__________________
(١) سقط تقدير في «س».