وزاد بعضهم غير ذلك ، ثمّ على كلا القولين هل السبب مجوّز للبناء أو موجبه؟ قولان : ذهب الشيخ عبد القاهر إلى الأوّل ، مستدلّا بأيّ الموصولة ، والجمهور إلى الثاني ، واعتذروا عن إعراب أيّ ، ويحتاجون إلى الاعتذار عن إعراب قد الاسميّة ، فإنّهم قالوا ببنائها مع جواز الإعراب.
ونعني بالشبه الوضعيّ أن يكون الاسم موضوعا في الأصل على حرف أو حرفين ، «كتاء» قمت ، ونا من قمنا ، والشبّه المعنويّ أن يتضمّن الاسم معنى من معاني الحروف ، سواء وضع لذلك المعنى حرف أو لا ، فالأوّل كمتى ، والثاني كهنا.
والشبه الاستعمإلى أن يكون الاسم نائبا عن الفعل ، ولا يتأثّر بالعامل كهيهات ، والشبه الافتقاريّ أن يكون الاسم لازم الافتقار إلى جملة ، يتمّ بها معناه كالّذي ، والشبه الإهمإلي أن يكون الاسم مشبها للحرف في كونه لا عاملا ولا معمولا كأوائل السور والأسماء قبل التركيب ، وأدخل بعضهم هذا القسم تحت الشبه الاستعمالي ، والشبه اللفظيّ أن يكون الاسم مشبها للحرف في صورة لفظه ، كحاشا الاسميّة بنيت لشبهها بحاشا الحرفيّة ، ذكره ابن مالك ، وأورد عليه أنّ مجرّد الشبه لفظا غير كاف بدليل «إلى» الاسميّة الّتي بمعنى النعمة ، إذ هي معربة قطعا مع مشابهتهما لفظا إلى ، الّتي هي حرف جرّ.
تنبيهات : الأوّل : قد يجتمع في مبنيّ شبهان فأكثر ، ومنه المضمرات ، فإنّ فيها الشبه المعنويّ ، إذ التّكلّم والخطاب والغيبة من معاني الحروف ، والافتقاريّ ، لأنّ كلّ ضمير يفتقر إلى ما يفسّره ، والوضعيّ ، إذ غالب الضمائر على حرف أو حرفين ، وحمل الباقي عليه طردا للباب (١).
الثاني : ما ذكرناه من أنّ الأوائل السّور مبنيّة للشبه الإهمإلي ، أنّما هو على القول بأنّها لا محلّ لها من الإعراب ، لأنّها من المتشابه الّذي لا يدرك معناه ، وقيل : إنّها في محلّ رفع على الابتداء أو الخبر ، أو نصب باقرأ ، أو جرّ بالقسم ، والله أعلم.
الكلام في إثبات واسطة بين المعرب والمبنيّ : الثالث : الأصحّ انحصار الاسم في المعرب والمبنيّ خلافا لمن أثبت واسطة بينهما لا توصف بالإعراب ولا بالبناء ، وذلك في أشياء ، منها الأسماء قبل التركيب.
وذهب قوم إلى أنّها واسطة ، لا معربة ولا مبنيّة ، لفقد موجب الإعراب والبناء والسكون آخرها وصلا بعد ساكن ، نحو : قاف سين ، وليس في المبنيّات ما يكون كذلك ،
__________________
(١) أي يمكن أن نجعله قياسا للباقي.