قائمة الکتاب
انقسام الفاعل إلى ظاهر ومضمر
١٦٥
البحث
البحث في الحدائق النديّة في شرح الفوائد الصمديّة
إعدادات
الحدائق النديّة في شرح الفوائد الصمديّة

الحدائق النديّة في شرح الفوائد الصمديّة
تحمیل
ومن حيث الوقوع في الثاني ، فأنّي يتحقّق طريقة القيام فيه ، وأمّا الفعل اللازم فلا يتحقّق فيه إلا المصدر المبنيّ للفاعل ، والحاصل بالمصدر الّذي هو الأثر ، لأنّه لم يتعدّ إلى المفعول ، ويستعمل مجازا في الفاعل ، انتهى.
العامل في الفاعل : تنبيهان : الأوّل : اختلف في العامل في الفاعل الرّفع ، فقيل : هو المسند حقيقة إن خلا من «من والباء» الزائدتين ، وحكما إن جرّ بأحدهما ، نحو : ما قام من رجل ، (وَكَفى بِاللهِ شَهِيداً) [النساء / ٧٩] ، أو بإضافة المسند ، نحو : (وَلَوْ لا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ) [البقرة / ٢٥١] ، وهو مذهب الجمهور ، وعليه المصنّف ، وقيل : رافعه الإسناد ، وهو مذهب خلف وابن جنيّ ، وذهب بعض الكوفيّين إلى أنّه إحداث الفعل ، وأجابوا عن «تحرّكت الشجر» و «أهلكهم الدهر» و «مرض زيد» ، بأنّه لما صدر من الشجر ما هو كحركة المتحرّك بالإرادة ، وجعل الدهر قائما مقام المهلك وتعاطي زيد أسباب المرض ، جعل كلّ واحد كأنّه فاعل.
نصب الفاعل ورفع المفعول : الثاني : قد ينصب الفاعل شذوذا ، إذا فهم المعنى ، كقولهم : خرق الثوب المسمار ، برفع الثوب ونصب المسمار ، وجعله ابن الطّراوة (١) قياسا مطّردا ، وقراءة بعضهم (فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ) [البقرة / ٣٧] بنصب آدم ، ورفع كلمات ، فيمكن حمله على الأصل ، لأنّ من تلقّي شيئا فقد تلقّاه الآخر.
انقسام الفاعل إلى ظاهر ومضمر : و «هو» أي الفاعل قسمان : قسم «ظاهر» وقسم «مضمر» ، وسيأتي حدّه أنّه ما وضع لمتكلّم أو مخاطب أو غائب. والظاهر ما عداه ، «فالظاهر ظاهر» أي لا يحتاج إلى بيانه لظهوره ، كجاء زيد ، وأقائم الزيدان. «والمضمر» قسمان : «بارز» ، وهو ما له صورة في اللفظ ، كقمت ، «ومستتر» ، وهو ما ليس له صورة في اللفظ ، بل ينوى ، «والاستتار» أي استتار الضمير «يجب في الفعل في ستّة مواضع».
أحدها : «فعل الأمر للواحد المذكّر» ، كقم ، بخلاف فعل الأمر للمثنى أو المجموع أو الواحدة ، فإنّه يبرز في الجميع ، نحو : قوما وقوموا وقمن وقومي. وذهب الأخفش والمازنيّ إلى أنّ الياء في قومي حرف تأنيث ، والفاعل مستتر كقم. قيل : ويلزمهما الجمع
__________________
(١) سليمان بن محمد ابن الطراوة ، كان نحويّا ماهرا ، أديبا ماهرا ، ألّف : الترشيح في النحو ومات سنة ٥٢٨ ه. بغية الوعاة ١ / ٦٠٢.