وذهب الزجاجيّ إلى عدم وجوب تأخيره مع أنّما أيضا قال : بل قد يكون المتأخّر غيره أيضا ، ويفهم بالقرينة ، حكاه الشيخ بهاء الدين السبكيّ (١) وغيره ، فنقل بعضهم الإجماع على وجوب التأخير معها غير مرضيّ.
حذف فعل الفاعل : قد يحذف الفعل لقيام قرينة تدلّ عليه جوازا ، إذا أجيب به نفي كقولك : بلي زيد ، لمن قال : ما قام أحد ، أو استفهام محقّق كقولك : زيد لمن قال : من قام ، أو مقدّر كقوله [من الطويل] :
١٠٠ ـ ليبك يزيد ضارع لخصومة |
|
ومختبط ممّا تطيح الطّوائح (٢) |
على رواية ليبك بالبناء للمفعول ، كأنّه قيل : من يبكيه؟ فقال : ضارع ، أي يبكيه ضارع ، وإنّما قدّر الفعل دون الخبر ، لأنّ تقدير الخبر يوجب حذف الجملة ، وتقدير الفعل يوجب حذف جزئها ، والتقليل في الحذف أولى.
قال بعض المحقّقين ، وفيه بحث : فإنّ في حذف الخبر حفظ المناسبة بين السؤال والجواب ، وفي حذف الفعل تقليل الحذف ، والثاني لا يعارض الأوّل ، فضلا عن أن يترجّح عليه ، ألا ترى أنّهم يرجّحون رعاية المناسبة على رعاية السلامة عن الحذف في باب الإضمار على شرطية التفسير ، انتهى ، وفيه نظر.
ويحذف وجوبا إذا حذف ، ثمّ فسّر لرفع الإبهام الناشئ عن الحذف نحو قوله تعالى : (وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ) [التوبة / ٦] ، فأحد فاعل فعل محذوف وجوبا ، يفسّره المذكور ، فلو ذكر معه كان ضائعا بخلاف المفسّر الّذي فيه إبهام بدون حذفه ، فإنّه يجوز الجمع بينه وبين مفسّره ، كقولك : جاءني رجل أي زيد. وقد يحذف الفعل والفاعل معا جوازا للقرينة في نحو : نعم ، لمن قال : أقام زيد.
__________________
(١) أحمد بن على السبكي العلّامة بهاء الدين ، كانت له اليد الطوطى في اللسان العربي والمعاني والبيان ، صنف : عروس الأفراح في شرح تلخيص المفتاح ، شرح مطول على مختصر ابن الحاجب و... مات سنة ٧٧٣ ه. المصدر السابق ١ / ٣٤٢.
(٢) هو للحارث بن نهيك. اللغة : الضارع : الخاضع والمستكين. المختبط : السائل بلا وسيلة ، أو قرابة ، تطيح : تهلك ، الطوئح : المصائب والمهالك.