رفع ، كما يجوز أن تقدرّه في موضع نصب على أنّ الفاعل حذف ، ولم ينب عنه شيء كما في : (أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ يَتِيماً) [البلد / ١٤] ، قاله ابن هشام في شرح اللمحة.
واختلف في نحو : عجبت من ضرب عمرو ، برفع عمرو ، وهل يجوز أن يكون نائبا كما يجوز بالإجماع أن يكون فاعلا ، أجازه الجمهور ومنعه الأخفش للالتباس ، واختاره الشلوبين ، وأجازه ابن خروف ، حيث لا لبس ، نحو : عجبت من جنون بالعلم زيد ، ومن أكل الطعام ، أي من أن جنّ زيد بالعلم ، ومن أن أكل الطعام.
وفي الإيضاح (١) أجاز جماعة أن يذكر مرفوع بعد المصدر ، وتقدير المصدر بأن والفعل الّذي لم يسمّ فاعله ، ويكون ما بعده مرفوعا بالنيابة ، ومن الناس من منعه ، وهو الأصحّ ، لأنّ ما يرفع الفاعل من الفعل ، أو الصفة لا يكون على صيغة ما يرفع المفعول ، والمصادر لا تختلف صيغها ، فلا يصلح فيها ذلك ، انتهى.
الثالث : ظاهر كلامه حيث قال : وصيغة فعله «فعل أو يفعل» ولم يعبّر بالتغيير أو التحويل كما فعله كثيرون أنّ صيغته أصل برأسه ، وهو مذهب الكوفيّين وابن الطراوة (٢) ، ونقله [الرضي] في شرح الكافية عن سيبويه والمازنيّ ، وذهب جمهور البصريّين إلى أنّه فرع عن فعل الفاعل ، ونقل عن سيبويه ، قال أبو حيّان : وهذا خلاف لا يجدي كبير فائدة.
الرابع : فعله لايبنى إلا من متصرّف ، وأمّا الجامد فلا يبنى منه اتّفاقا ، وفي كان وكاد وأخواتها خلاف ، والجمهور على جواز البناء منها وعليه ، فالأصحّ أن لا يقام خبرها بل إن قلنا : إنّها إن تعمل في الظرف أقيم وإلا تعيّن ضمير المصدر.
لا يقع نائب الفاعل ثاني باب علمت ولا ثالث باب أعلمت : «ولا يقع» نائب الفاعل «ثاني» مفعولي «باب علمت» ، فلا يقال : علم قائم زيدا ، «ولا ثالث» مفاعيل «باب أعلمت» ، فلا يقال : أعلم قائم زيدا عمرا ، وعلّلوا ذلك بأن كلّا من هذين المفعولين مسند إلى المفعول الأوّل في باب علمت وإلى الثاني في باب أعلمت ، فلو قام مقام الفاعل ، والفاعل مسند إليه ، صار في حالة واحدة مسندا إليه ، فامتنع.
__________________
(١) الإيضاح في النحو لأبي القاسم الزجاجي المتوفى سنة ٣٣٧ ، أو لأبي على الفارسي النحوي المتوفى ٣٧٧ ه.
(٢) سليمان بن محمد أبو الحسن ابن الطراوة ، كان نحويّا ماهرا ، أديبا بارعا ، يقرض الشعر ، له آراء في النحو تفرّد بها ، وخالف فيها جمهور النحاة ، وكان مبرزا في علوم اللسان نحوا وأدبا ، ألف : الترشيح في النحو ، المقدمات على كتاب سيبويه ، مات سنة ٥٢٨ ه ، بغية الوعاة ١ / ٦٠٢.