إمّا بان لا تطابق المذكور بعدها أصلا ، أو تطابقه ، ولكن لا مفردا ، فالأوّل مثل : «أقائم الزيدان وأقائمان زيد».
ففي الصورة الأولى يتعيّن أن تكون الصفة مبتدأ ، وما بعدها مرفوعا بها ، إذ لو كانت خبرا لما بعدها لوجبت المطابقة في التثنية والجمع ، فإنّ المطابقة واجبة في هذا النوع بين المبتدأ والخبر ، وفي الصورة الثانية ممتنعة لأنّها تركيب فاسد.
والثاني كقولك : أقائمان الزيدان؟ وأقائمون الزيدون؟ فتتعيّن الصفة أن تكون خبرا مقدّما ، إذ لو كانت رافعة للظاهر هنا لما ثنّيت ولا جمعت على اللغة الفصحي ، ويجوز ذلك على غيرها.
ولمّا فرغ من حدّ المبتدأ ، أراد أن يمثّل له ليزداد وضوحا ، فقال : نحو زيد قائم مثال للاسم المجرّد عن العوامل اللفظيّة مسندا إليه ، ومثله (أَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ) [البقرة / ١٨٤] ، فإنّ المؤوّل كالصريح و (هَلْ مِنْ خالِقٍ غَيْرُ اللهِ) [فاطر / ٣] ، وبحسبك درهم ، وقوله [من الطويل] :
١٠٥ ـ ... |
|
لعلّ أبي المغوار منك قريب (١) |
وما قائم الزيدان مثال للصفة الواقعة بعد حرف نفي ، ومثله : إن قائم الزيدان ، وغير مضروب العمروان ، أو أقائم الزيدان؟ مثال للصفة بعد حرف استفهام ، ومثله هل قائم الزيدان؟ ومتى قائم الزيدان؟ وأين قاعد الزيدان؟ وكيف مقيم العمروان؟ وكم ماكث البكران؟ وأيّان قادم الخالدان؟ إذ النفي والاستفهام بالاسم مثلهما بالحرف ، فلا وجه لتخصيص الحرف كما صنع غير واحد.
أو أقائم زيد؟ مثال للصفة المطابقة للمفرد ، فقائم يجوز أن يكون مبتدأ ، وما بعده فاعلا سدّ مسدّ الخبر ، وزيد يجوز أن يكون مبتدأ مؤخّرا ، وما قبله خبرا مقدّما ، كما تقدّم ، فإن رجّح الأوّل بأنّ الأصل في المقدّم الابتداء عورض بأنّ الأصل في الصفة الخبريّة ، فلمّا تعارض الأصلان تساقطا.
وبما تقّرر علم أنّ المبتدأ نوعان : مبتدأ له الخبر : وهو الاسم المسند إليه ، ومبتدأ لا خبر له ، وهو الصّفة ، واستغنت عن الخبر ، لأنّها في معنى الفعل ، والفعل لا يخبر عنه ، لكن لها مرفوع يغني عن الخبر.
__________________
(١) البيت لكعب بن سعد الغنوي ، من قصيدة مستجادة يرثي فبها أخاه أبا المغوار وصدر البيت «فقلت أدع أخري وارفع الصوت جهرة» اللغة : جهرة : علنا.