وتلميذه أبي الفتح ، وهو مذهب جمهور المتأخّرين وقال الكسائيّ والفرّاء : يترافعان ، وقيل : غير ذلك (١).
انقسام الخبر إلى الجامد والمشتقّ : «وهو» أي الخبر قسمان : قسم «مشتقّ» ، وهو الأصل ، ولذلك قدّمه ، والمراد به هنا الدّالّ على ذات مبهمة ، وهو المسمّي صفة ، كضارب ومضروب وحسن وأحسن ، وفي حكمه المنسوب لا مطلق المشتقّ ، فإنّ اسم الزمان والمكان والآلة حكمها حكم الجامد المحض ، وهذا إصطلاح غير ما تقدّم ، «و» قسم «جامد» ، وهو ما عدا المشتقّ بالمعنى المذكور.
«فالمشتقّ» إمّا رافع لظاهر أو لا ، و «غير الرافع لظاهر» لفظا كما سيأتي أو محلا ، نحو : الكافر مغضوب عليه. «يتحمّل ضميره» أي ضمير المبتدأ ، وذلك لأنّ المشتقّ بالمعنى المذكور في معنى الفعل ، فلا بدّ له من فاعل ظاهر أو مضمر.
«فيطابقه» أي يطابق المبتدأ «دائما» إفرادا وتثنية وجمعا وتذكيرا وتأنيثا ، تقول : زيد قائم ، والزيدان قائمان ، والزيدون قائمون ، وهند قائمة ، والهندان قائمتان ، والهندات قائمات ، فالخبر في ذلك كلّه متحمّل للضمير مستتر وجوبا عائد على المبتدأ ، وهو مطابق للمبتدأ كما ترى ، والألف في قائمان والواو في قائمون حرفان دالّان على التثنية والجمع كما في الرجلان والزيدان ، وهذا الضمير يجب استتاره ، إلا إذا جرى الخبر على غير من هو له في المعنى ، فيبرز عند البصريّين وجوبا ، سواء خيف اللبس أم أمن.
فالأوّل نحو : غلام زيد ضاربه هو ، إذا كانت الهاء للغلام ، إذ لو لم يبرز الضمير لتوهّم السامع أنّ الغلام هو الضارب. والثاني نحو : غلام هند ضاربته هي.
وذهب الكوفيّون إلى عدم وجوب الإبراز إلا مع اللبس تمسّكا بقوله [من البسيط] :
١٠٩ ـ قومي ذرى المجد بانوها وقد علمت |
|
بكنه ذلك عدنان وقحطان (٢) |
واختاره ابن مالك ، فقال في منظومته الكبرى [من الرجز] :
١١٠ ـ في المذهب الكوفيّ شرط ذاك أن |
|
لا يؤمن اللبس ورأيهم حسن |
__________________
(١) أعدل هذه المذاهب مذهب سيبويه ، وهو يعتقد أنّ المبتدأ يرتفع بالابتداء والخبر يرتفع بالمبتدأ (كتاب سيبويه ١ / ٣٢٤) ؛ وابن مالك أيضا يختاره ويقول في الألفية :
ورفعوا مبتدأ بالابتدا |
|
كذاك رفع الخبر بالمبتدأ |
(شرح ابن عقيل ١ / ٢٠١).
(٢) هذا الشاهد غير منسوب إلى قائل معين. اللغة : «ذرا» جمع ذروة وهي من كل شيء أعلاه. «بانوها» يمكن أن يكون فعلا ماضيا بمعنى زادوا عليها ، ويحتمل أن يكون جمع «بان» جمعا سالما ، وحذف النون للإضافة.