١١١ ـ لسان الفتى سبع عليه شذاته |
|
فإن لم يزع من غربه فهو أكله (١) |
والثاني : أن يقصد التشبيه فيقدّر مثلا مضافا إليه ، ففي هذين الوجهين لا ضمير في أسد ، والوجه الثالث : أن تؤوّل لفظ أسد بصفة وافية بمعنى الأسديّة ، وتجريه مجرى ما أوّلته فتحمّله ضميرا ، وترفع به ظاهرا ، إن جرى على غير ما هو به كقولك : هذا أسد ابناه ، وهذا ايضا في النعت والحال ، فمن النعت قول العرب : مررت بقاع عرفج كلّه ، وكلّه توكيد للضمير المرتفع بعرفج ، لأنّ عرفجا ضمّن معنى خشن ، ومثله مررت بقوم عرب أجمعون ، فضمّن عربا معنى فصحاء ، ورفع به ضميرا ، وأجمعون توكيد ، انتهى.
الثاني : ذهب الكوفيّون إلى أنّ الجامد يتحمّل الضمير مطلقا ، أوّل بمشتقّ أو لم يؤوّل ، وعزي هذا القول إلى الكسائيّ من الكوفيّين وحده ، وإلى الرّماني من البصريّين ، لكن نقله البدر بن مالك (٢) في شرح الخلاصة عن الكوفيّين كافّة ، وسبقه إلى هذا النقل صاحب البسيط.
قاعدة في تقديم المبتدإ وتأخير الخبر إذا كانا معرفيتن : هذه «قاعدة» في تقديم المبتدإ وتأخير الخبر ، إذا كانا معرفتين ، وهي إذا كان الاسمان المعرّفان بحيث يستفيد السامع النسبة بينهما ، وكلّ منهما يصلح أن يكون محكوما عليه ، «فالمجهول ثبوته» منهما «للشيء» الآخر «عند السامع» ، وهو كالطالب «في اعتقاد المتكلّم» أن يحكم به عليه «يجعل خبرا» له ، «ويؤخّر» عنه ، لأنّه محكوم به «وذلك الشيء الآخر المعلوم» عند السامع الّذي جهل ثبوت الآخر له «يجعل مبتدأ ، ويقدّم» ، لأنّه محكوم عليه.
والحاصل : أيّهما تحقّق المتكلّم أو توهّم أنّ السامع كالطالب للحكم عليه يجعل مبتدأ ، والآخر خبرا ، «ولا يعدل عن ذلك في» الاستعمال «الغالب ، فيقال» على القاعدة «لمن عرف زيدا باسمه وشخصه ، ولم يعرف أنّه أخوه» وأريد أن يعرف أنّه أخوه : «زيد أخوك» ، سواء عرف أنّ له أخا ، ولم يعرف أنّ زيدا أخوه ، أو لم يعرف أنّ له اخا اصلا ، «و» يقال «لمن عرف أنّ له أخا» في الجملة ، «ولم يعرف اسمه» على التعيين ، وأريد أن يعرف أنّ اسمه زيد : «أخوك زيد ، فالمبتدأ هو المقدّم في الصورتين» ، وهو زيد في الصورة الأولى ، وأخوك في الصورة الثانية. وقد يعدل عن ذلك في غير
__________________
(١) أنشده ثعلب ولم يسّم قائله ، اللغة : السبع : من البهائم العادية ما كان ذا مخلب ، الشذاة : بقية القوة والشدّة. لم يزع : من وزعه ـ بمعنى كفّه ومنعه.
(٢) بدر الدين أبو عبد الله محمد المتوفى سنة ٦٨٦ ه ، كان إماما في النحو والمعاني والبيان ، من تصانيفه شرح ألفية والده و... بغية الوعاة ١ / ٢٢٥.