أعرف ، فهو المبتدأ ، نحو : هذا زيد ، وإن استويا في الرتبة وجب الحكم بابتدائية المقدّم ، نحو : الله ربّنا.
تكميل : ويجب الحكم بابتدائية المقدّم في صورتين أخريين. إحداهما كون الاسمين نكرتين صالحتين للابتداء بهما ، نحو : أفضل منك أفضل منّي ، إذ لو جوّز تقديم الخبر هنا لالتبس بالمبتدإ ، فيفسد المعنى ، إذ كثير هو أفضل منك ، لا من مخاطبك وبالعكس.
الثانية : كونهما مختلفين تعريفا وتنكيرا ، والأوّل هو المعرفة ، كزيد قائم ، وأمّا إن كان هو النكرة ، فإن لم يكن له ما يسوّغ الابتدائية ، فهو خبر اتّفاقا ، نحو : خزّ ثوبك ، وذهب خاتمك ، وإن كان له مسوّغ فكذلك عند الجمهور ، وأمّا سيبويه فيجعله المبتدأ ، نحو : كم مالك ، وخير منك زيد ، وحسبنا الله تعالى ، قاله ابن هشام في المغني. وظاهر كلام ابن مالك أنّ ذلك عند سيبويه مخصوص بما إذا كان اسم استفهام ، أو اسم تفضيل.
ويجب تقديم المبتدإ ، إذا خيف التباسه بالفاعل ، نحو : زيد قام ، إذ لو قيل : قام زيد لالتبس المبتدأ بالفاعل ، لأنّ اعتباره أقرب فامتنع ، وجوّزه الأخفش والمبرّد.
أو كان الخبر محصورا فيه بإلا لفظا ، نحو : (وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ) [آل عمران / ١٤٤] ، ومعنى ، نحو : (إِنَّما أَنْتَ نَذِيرٌ) [هود / ١٢] ، إذ لو أخّر لالتبس المحصور بالمحصور فيه.
أو كان المبتدأ له صدر الكلام إمّا بنفسه كالاستفهام والشرط والتعجّب نحو : من أبوك ، ومن يقم أقم ، وما أحسن زيدا ، إذ لو أخّر لخرج ما له صدر الكلام عن صدريّته ، أو بغيره ، نحو : ولعبد مؤمن [خير من مشرك] ، فإن لام الابتداء لها الصدر.
أو كان ضمير شأن ، نحو : هو زيد منطلق ، قيل : لأنّه لو أخّر لالتبس بالتوكيد ، وفيه نظر. وقد يؤخّر المبتدأ ويقدّم الخبر جوازا توسّعا في الكلام ، إذ ربّما احتيج (١) في وزن أو قافية أو سجع إلى تقديم بعض أجزاء الكلام على بعض.
ووجوبا بأن يكون للخبر صدر الكلام ، إمّا بنفسه ، نحو : من زيد ، أو بغيره ، نحو :
صبيحة أيّ يوم السفر.
أو يوقع تأخيره في لبس ظاهر ، نحو : عندي درهم ، ولي وطر ، إذ لو أخّر لالتبس بكونه صفة للمبتدإ ، لأنّه نكرة ، وطلبها للوصف أشدّ من طلبها للخبر ، فالتزم تقديمه دفعا للالتباس.
أو يكون المبتدأ محصورا فيه بإلا لفظا ، نحو [من الرجز] :
__________________
(١) إذ ربّما احتجّ «ط».