وذكر أبو الفتح ابن جنيّ أنّه راجع شيخه أبا على نيّفا وعشرين سنة ، في عود الضمير في هذا الفصل حتى تبيّن له ، وذكر في البديع أنّه لا يجوز الفصل بين هذين الخبرين بالمبتدأ ، ولا تقديمهما عليه عند الاكثرين ، وأجازه بعضهم ، انتهى.
نواسخ المبتدإ والخبر
ص : فصل : تدخل على المبتدإ والخبر أفعال وحروف ، فتجعل المبتدأ اسما لها والخبر خبرا لها ، وتسمّي النواسخ ، وهي خمسة أنواع :
الأوّل : الأفعال النّاقصة : والمشهور منها : كان وصار وأصبح وأضحي وأمسي وظلّ وبات وليس وما زال وما برح وما انفكّ وما فتي ومادام ، وعملها رفع الاسم ونصب الخبر ، ويجوز في الكلّ توسّط الخبر ، وفيما سوى الخمسة الأوآخر تقدّمه عليها ، وفيها عدا فتئ وليس وزال أن تكون تامّة ، وما تصرّف منها يعمل عملها.
مسألتان : يختصّ كان بجواز حذف نون مضارعها المجزوم بالسّكون ، نحو : (وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا.) بشرط عدم اتّصاله بضمير نصب ولا ساكن ، ومن ثمّ لم يجز ، في نحو : لم يكنه ، (لَمْ يَكُنِ اللهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ.*) ولك في نحو : النّاس مجزيّون بأعمالهم إن خيرا فخير وإن شرّا فشرّ ، أربعة أوجع : نصب الأوّل ورفع الثاني ، ورفعهما ، ونصبهما ، وعكس الأوّل ، فالأوّل أقوي والأخير أضعف والمتوسّطان متوسّطان.
ش : هذا «فصل» في ذكر ما ينسخ المبتدأ والخبر ، «تدخل على المبتدإ والخبر أفعال وحروف» ، وتعمل فيهما بدليل أنّك متى حذفتها ، انعقد الكلام مبتدأ وخبرا ، «فتجعل المبتدأ اسما لها ، والخبر خبرا لها» ، فيسمّي الأوّل اسمها ، والثاني خبرها. وقد يسمّى مرفوع كان فاعلا تشبيها له بالفاعل ، ومنصوبها مفعولا تشبيها له بالمفعول ، وهو مجاز ، قال ابن هشام : وهو اصطلاح غير معروف.
«وتسمّى» هذه الأفعال والحروف «النواسخ» لإزالتها حكم المبتدإ والخبر الثابت لهما قبل دخولها آخذا من النسخ ، ولغة هو الإزالة ، «وهي» من حيث هي نوعان ، لأنّها إمّا أفعال أو حروف كما ذكره ، ومن حيث عملها واختلاف أحكام بعضها مع بعض «خمسة أنواع» ، ولم يذكر فيها أفعال القلوب مع اعترافه بأنّ أصل مفعوليها المبتدأ والخبر ، كما عليه الجمهور ، وقد ذكرها في حديقة الأفعال ، وسيأتي الكلام هنالك ، وكان الأولى أن يذكرها في جملة النواسخ ، فتكون الأنواع ستّة.