الأفعال الناقصة
النوع «الأوّل : الأفعال الناقصة» ، وسمّيت بذلك ، لأنّها لا تتمّ بمرفوعها كلاما ، وقيل : لأنّها لا تدلّ على الحدث وليس بصحيح ، لما سيأتي ، وقد تسمّى بالنواسخ من باب إطلاق اسم الأعمّ على الأخصّ.
وعرّفها ابن الحاجب ، وتبعه المصنّف في التهذيب بما وضع لتقدير الفاعل على صفة ، أي لجعله وتثبيته عليها. قال الرضيّ وغيره : كان ينبغي أن يقيّد الصفة ، فيقول على صفة هي غير صفة مصدره (١) ، وإلا انتقض بجميع الأفعال التامّة ، فإن ضرب مثلا من قولنا : ضرب زيد ، يقرّر الفاعل على صفة ، لكن تلك الصفة هي الضرب المستفاد من الفعل العامل فيه ، وأمّا الفعل الناقص فإنّما (٢) يقرّر الفاعل على صفة غير صفة مصدره ، فإن كان في قولك : كان زيد قائما ، لا يقرّر زيدا على صفة الكون ، بل على صفة القيام المستفاد من الخبر المتّصف بصفة الكون ، أي الحصول والوجود وكذا سائرها.
قال بعضهم : والتحقيق أنّه لا حاجة إلى ما ذكر من التقييد ، لأنّ المتبادر من قولك : هذا اللفظ موضوع لذاك المعنى هو الموضوع له لا غير ، والأفعال التّامّة موضوعة لصفة ، وتقرير الفاعل عليها معا ، والأفعال الناقصة موضوعة لتقرير الفاعل على صفة ، فتكون الصفة خارجة عن مدلولها ، انتهى ، وفيه نظر ، فتأمّل.
ولم يذكر سيبويه من هذه الأفعال سوى صار ومادام وليس ، ثمّ قال : وما كان نحوهنّ من الفعل ممّا لا يستغنى عن الخبر ، والظاهر أنّها غير محصورة ، وبه جزم المصنّف في التهذيب.
وقال ابن مالك : كلّ فعل لا يستغني مرفوعه عن مخبر عنه صالح للتعريف والتنكير ، أو جملة تقوم مقامه فهو من باب كان ويميّزها عن غيرها وقوع اللام الفارقة بعدها ، نحو : (وَإِنْ كانَتْ لَكَبِيرَةً) [البقرة / ١٤٣] ، (وَإِنْ وَجَدْنا أَكْثَرَهُمْ لَفاسِقِينَ) [الأعراف / ١٠٢].
قال الرضيّ : وقد يجوز تضمين كثير من الأفعال التامّة معنى الناقصة كما تقول : تتمّ التسعة بهذا عشرة ، قال الله تعالى : (فَتَمَثَّلَ لَها بَشَراً سَوِيًّا) [مريم / ١٧] ، أي صار مثل بشر ونحو ذلك.
وظاهر عبارة المصنّف أنّها غير مشهورة ، حيث قال : «المشهور منها كان وصار وأصبح وأمسي وأضحي وظلّ وبات وليس» ، فكان لثبوت خبرها لاسمها وفيها
__________________
(١) هي صفة غير مصدره «ح».
(٢) سقط فأنّما في «ح».