وقولهم : إنّ مالا وإنّ ولدا أي إنّ لنا. وقد عقد سيبويه لهذا بابا ، فقال : باب إنّ مالا وإنّ ولدا.
الكلام على ليت شعري : والتزم الحذف في ليت شعري مردفا باستفهام كقوله [من الطويل] :
١٥٥ ـ ألا ليت شعري هل أبيتنّ ليلة |
|
بواد وحولي إذخر وجليل (١) |
قيل : لأنّ الاستفهام يسدّ مسدّ الخبر ، وجملة الاستفهام في موضع نصب بشعري ، واستشكل الرضيّ القول بسدّ الاستفهام مسدّ الخبر بأنّ محلّ شعري الّذي هو مصدر بعد جميع ذيوله من فاعله ومفعوله ، فمحلّه بعد الاستفهام ، فكيف يكون الاستفهام في مقام الخبر ، ومقامه بعده بل هو خبر وجب حذفه بلا سادّ مسدّه لكثرة الاستعمال ، انتهى.
والشعر بمعنى الفطنة مصدر من شعرت أشعر ، كنصرت أنصر. قال سيبويه : أصله ليت شعرتي ، حذفوا الهاء في الإضافة كما في قولهم : هو أبو عذرها ، فلعلّه لم يثبت عنده مصدر إلا بالهاء كالنشدة ، وإلا فلا موجب لجعله المصدر من باب الهيئة كالجلسة والركبة ، قاله الرضيّ.
تلحق الأحرف المشبهة بالفعل ما فتكفّها عن العمل : «وتلحقها» أي الحروف المذكورة «ما الزائدة ، فتكفّها عن العمل» لزوال اختصاصها بالجمل الاسمية الّذي هو سبب عملها ، وصيرورتها حينئذ حروف ابتداء ، تدخل على الجمليتين ، «نحو : إنّما زيد قائم» ، وقوله تعالى : (كَأَنَّما يُساقُونَ إِلَى الْمَوْتِ) [الانفال / ٦] ، ولذلك سمّيت ما هذه كافّة ، وإلى هذا لمح بعضهم حيث قال وتلطّف [من الرجز المجزوء] :
١٥٦ ـ عزلوك لما قلت ما |
|
أعطى وولّوا من بذل |
أو ما علمت بأنّ ما |
|
حرف يكفّ عن العمل |
وإذا تلاها الفعل سمّيت مهيئة ، لأنّها هيّأت هذه الحروف للدخول على الفعل بعد أن لم تكن له صالحة ، وقد تعمل ليت مع لحوق ما قيل : بل هو الأرجح لعدم زوال
__________________
(١) أنشده بلال وسمعه النبي (ص) فقال له : حنت يا ابن السوداء. والحنان الّذي يحنّ إلى الشيء. المصدر السابق ١ / ٩٦٩. اللغة : الأذخر : حشيشة طيبة الرائحة يسقف بها البيوت فوق الخشب. الجليل : الثّمام : عشب من الفصيلة النجيلية.