بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة الشارح
الحمد لله الصّمد بما له من المحامد الأبديّة ، والشّكر له على آمال توجّهت نحوه ، فصرفها بالفوائد الصمديّة ، أحمده حمد من نزه شأنه العلى عن الأشباه والنّظائر ، ففاز بتسهيل الفوائد وتكميل المقاصد في جميع الموارد والمصادر. وأشكره شكر من أيقن بأنّه العالم بما في الصّدور والضّمائر ، فحاز بذلك من الألطاف الكافية الشافية ما أشرق به الباطن والظاهر ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده ، لا شريك له ، المتقدّس بذاته ، تمّت كلماته صدقا وعدلا ، لا مبدّل لكلماته ، سبحانه والفاعل لما يشاء ، لا مضادّ له في فعله ، عمّ الأنام كرما وجودا ، فكلّت جمل الكلام عن أن تقوم بوصف مفرد فضله ، تترّهت ذاته العلية عن سمات الحدوث في أوان ، فجلّت أن يحوط بها ظرف زمان أو ظرف مكان.
وأشهد أنّ سيدنا محمّدا عبده ورسوله ، المبعوث من خلاصة العرب ، الممدود بعباب (١) الكرم ، المقصور عليه لباب (٢) الظّفر بنجح الأرب (٣) ، المنعوت بأحسن الأسماء وأشرف الألقاب ، الموصوف فى كتاب لا يأتيه الباطل من بين يديه ، ولا من خلفه بفصل الخطاب ، وأصلّى وأسلّم عليه وعلى آله الّذين بضوء أنوارهم بهاء الدين ، وانتصب برفعهم وخفض أعدائهم أعلام الحقّ واليقين ، الهادين بأمرهم ونهيهم إلى أوضح المسالك ، المالكين أزمّة الفضل ، فما منهم إلا مالك لها وابن مالك ، منبع الفتوّة والهداية ، وبيت النبوّة والولاية (٤) على أصحابه الأكرمين أرباب النخوة (٥) المقتفين آثاره الناجين نحوه صلوة وسلاما ، أرجو بهما السّعادة الوافرة ، وأنال بهما جميل الذكر في الدنيا وجزيل الأجر في الآخرة (٦).
__________________
(١) العباب : أوّل الشئ وعباب الكرم أصله.
(٢) واللباب : خالص كلّ شئ.
(٣) الأرب : الحاجة.
(٤) عبارة «الى أوضح المسالك ... الولاية» سقطت في «س».
(٥) في بقية النسخ : التواضع والنخوة. والنخوة : الحماسة والمروءة والعظمة والتكبّر.
(٦) لقد بدأ الشارح مقدّمته ببراعة الاستهلال ، وأشار إلى بعض الكتب النحويّة والصرفيّة «الأشباه والنظائر» للسيوطيّ و «تسهيل الفوائد وتكميل المقاصد» لابن مالك و «أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك» لابن هشام و «الكافية في النحو والشافية في الصرف» لابن حاجب ، وإلى بعض المباحث النحويّة مثل الضمائر والفاعل والفعل والجمل والوصف وظرف الزمان وظرف المكان والنصب والخفض والرفع ، وإلى عدد من العلماء النّحويّين مثل بهاء الدين (الشيخ البهائي) وابن مالك.