فالفتح بتقدير على ، والكسر على الجواب ، والبصريّون يوجبونه ، ولو أضمر الفعل ، أو ذكرت اللام تعيّن الكسر إجماعا ، نحو : والله إنّ زيدا لقائم ، وحلفت إنّ زيدا قائم.
السادس : أن تقع بعد واو مسبوغة بمفرد صالحة للعطف عليه ، نحو : (إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيها وَلا تَعْرى * وَأَنَّكَ لا تَظْمَؤُا فِيها وَلا تَضْحى) [طه / ١١٨ و ١١٩] ، قرأ نافع وأبو بكر بالكسر ، إمّا على الاستيناف ، أو بالعطف على جملة أنّ الأولى ، والباقون بالفتح بالعطف على أن لا تجوع.
السابع : أن تقع بعد حتى ، ويختصّ الفتح بالجارة والعاطفة ، نحو : عرفت أمورك حتى انّك فاضل ، والكسر بالابتدائيّة ، نحو : مرض زيد حتى أنّه لا يرجونه.
الثامن : أن تقع بعد أمّا ، نحو : أما انّك فاضل ، فالفتح على أنّها أحقّا ، وهو قليل ، والكسر على أنّها حرف استفتاح بمترلة إلا الاستفتاحية (١).
الكلام على لا جرم ومعناها : التاسع : أن تقع بعد لا جرم ، والغالب الفتح ، نحو : (لا جَرَمَ أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ) [النحل / ٢٣] ، فالفتح عند سيبويه على أنّ جرم فعل ماضي ، وأنّ وصلتها فاعل ، أي وجب أنّ الله يعلم ولا صلة ، وعند الفرّاء على أنّ لا جرم بمنزلة لا رجل ، ومعناهما لا بدّ ومن بعدهما مقدّرة ، والكسر على ما حكاه الفرّاء من أنّ بعضهم ينزّلها منزلة اليمين ، فيقول : لا جرم لآتينّك ، ولا جرم أنّك ذاهب ، ولا جرم لقد أحسنت.
الكلام على المعطوف على اسم أنّ وأخواتها : والاسم المعطوف على أسماء هذه الأحرف منصوب ، سواء كان قبل مضيّ الخبر أو بعده. كقوله [من السريع] :
١٦٣ ـ إنّ الرّبيع الجود والخريفا |
|
يدا أبي العّباس والصّيوفا (٢) |
فعطف الخريف بالنصب على الربيع قبل مضيّ الخبر ، وهو يدا أبي العباس وعطف الصيوف ، جمع صيف ، على الربيع بالنصب بعد مضيّ الخبر.
وتختصّ إنّ المكسورة وأنّ المفتوحة لفظا المكسورة حكما ولكنّ دون الثلاث الآخر برفعه ، أي رفع المعطوف على أسمائهنّ ، وذلك لأنهنّ لما يغيّرن معنى الجملة كنّ
__________________
(١) بمترلة إلا الاستفهامية «م».
(٢) هو لرؤبة بن العجاج بن رؤبة الّتيمي. اللغة : الجود : المطر الغريز ، وأراد بأبي العباس أبا العباس السفاح أوّل الخلفاء العباسيين.